فى حياة كل منا محيط من الناس، أهل، أصدقاء .. إلخ، هذا المحيط على قدر اتساعه، تتحرك العلاقات صوب التقارب أو التباعد، مهما تحاول الغوص فى نفوس البشر، فلن تصل للأسباب التى تؤدى للتقارب أو التباعد، أو بشكل دقيق لن تصل لكل الأسباب، لأنها متفاوتة ومتباينة من شخص لآخر.
قد يكرمك الله بزوجة تمتلك من الصفات ما يجعلها توصف بأنها سيدة فاضلة، غاية فى الأخلاق والخصال الحسنة، ولكن عيبا واحدا قد يجعلك تضمر لها غضبا مكبوتا، كأن تكون كثيرة السؤال عليك، ومتابعتك بشكل مستمر، لأنها على يقين بأنك ملك كامل لها، من حقها معرفة كل كبيرة وصغيرة تخصك، بل وأحيانا التدخل لتقويم ما تراه خطأ فى تصرفاتك، أو إبداء الملاحظات عليها كحد أدنى.
أما بقية صفاتها فحدث وأنت سعيد، سيدة بيت من الطراز الأول، أخلاق رائعة، تربيتها أكثر من ممتازة، تحبك وتصونك فى غيابك كأنك موجود تماما، وعدد آخر من الصفات التى تجعلها سيدة من أفضل النساء، لكن العيب الذى ذكرته سابقا، يجعلك تشعر دائما بالضيق، وأنها لا تملك صفة حسنة، رغم تعددها بشكل قد يصعب حصره.
وقد يكرمك الله بأخ يتسم بكل خصال الرجولة والشهامة التى خلقها الله، بل قد تشعر بأنه يؤثرك على نفسه، فى عدد من الأمور، ومع كل تلك الحسنات، تقف أمامك سيئة واحدة، حيث قد يختفى فجأة، هكذا دون مقدمات، وأنت من شدة القلق عليه قد يذهب عقلك، ولكن دون مقدمات تجده ظهر فجأة، كأن شيئا لم يحدث، أو أنه يخفى عنك أمرا خطيرا حتى لا تقلق، وأنت هنا تشعر بضيق شديد جدا. لدرجة أنك تنسى مواقفه المبهرة من شدة غضبك منه.
وقد يكرمك الله بصديق، يمكن أن تطلق عليه (رب أخ لك لم تلده أمك)، فيه من الخصال الجميلة ما لا يعد و لا يحصى، شهم، خلوق، محترم، .. إلخ، ولكنه به عيب تراه غير محتمل، عيب يجعلك تتأفف من التعامل معه، وأحيانا تغضب منه وقد تبعد عنه لفترات طويلة، هذا العيب هو عدم احترام مواعيده، مرة بعد مرة، تنفد طاقة احتمالك، ويبدأ الغضب يتسلل لنفسك، وتقرر الابتعاد عنه، هكذا دون مقدمات.
وقد يرزقك الله بولد جميل القلب والقالب، عندما تنظر لعينه ترى الأدب والورع، وتشعر بأن الله رزقك بهدية هى الأجمل، ولكنه لا يذاكر بشكل منتظم، وليس من أصحاب المراكز الأولى، عكس ولد صاحبك المتفوق، الذى يحصد المركز الأول على زملائه باستمرار، ولأنك تتمناه الأفضل تشعر بأن هناك شيئا ما ناقصا، تبحث عنه دائما، ولكنه لا يأتى، فيوسوس لك الشيطان أن ولدك ليس برائع. رغم أنك لا تعرف ما يعيب ولد صاحبك!
وقد يرزقك الله بأب، تسير بين الناس تفتخر به، رجل فى زمن يعز فيه الرجال، سمعته طيبة بين الناس، وكذلك يتسم بالشهامة والمروءة، لا يبخل عليك بشىء على الإطلاق، كل ما تحتاجه يقدمه مادام قادرا، ولكنه رجل شديد الطباع، لا يقبل بالخطأ، وتلك صفة لا تحتمل التعامل معها، فتسعى جاهدا للابتعاد عنه، بسبب شدة طباعه!
وقد يرزقك الله بأستاذ جامعى، تشعر وأنت تتعامل معه بأنه صديق مقرب إليك، رغم مكانته العلمية الرفيعة، والتى حققها على مدى سنوات من الكد والجهد، ولكنه منضبط فى أدائه، مجتهد فى شرحه، ولا يجامل فى مادته، وأنت تطمع فى تساهله، ولكنه لا يلبى طمعك لأنه يريد أن يأخذ نتيجة جهده، وهذا حقه.
وقد يرزقك الله بزوج، عطوف يجتهد ليلبى حاجاتك، يسعى بكل قوته لأن يحقق طموحات أسرته، يواصل الليل بالنهار، حتى يحقق آمال أسرته، فيه كل مواصفات الزوج الرائع، ولكنه لا يجد الوقت ليجلس معك، أو ليعبر عن مشاعره تجاهك بالشكل الذى تحبينه، فتشعرين بأن هناك ما ينقصك!
لو أفضت فى النماذج، فسنجد أن هناك أمثلة كثيرة متشابهة، فى كل العلاقات على كل الأصعدة، هناك دائما شىء غير موجود، أحيانا تشعر بأن ذلك الشىء هو الأهم فى العلاقة، مع أى طرفين، وقد طرحت عددًا من النماذج، وهناك عشرات غيرها، لكن دائما ما قد تشعر بأن ذلك الشىء الناقص يعكر صفو العلاقة، وأحيانا يجعلها علاقة مشوهة.
تلك هى نظرية الـ 1%، فأنت تمتلك الـ 99% و لكن دائما ما تبحث عن الـ 1%، وكأن الحياة لن تكتمل إلا به، والغريب أننا نهدر بكامل إرادتنا قيم و قامات الـ 99% دون معرفة الأسباب، دائما تبحث عما ينقصك، ولا تحاول الاستمتاع بما تملكه.
دائما تنظر لنسبة الـ 1%، وكأنها هى مفتاح الحياة، مع أن الحقيقة الواضحة تماما، أن تلك النسبة الضئيلة هى سبب جميع المشكلات التى نعيش فيها.
قليل من التدبر فى حياتنا سنكتشف أننا نملك نسبة رائعة من الامتيازات، من المؤكد أن غيرنا لا يمتلكها، وغيرنا أيضا يملك نسبة رائعة من الامتيازات، نحن لا نمتلكها.
ولكنها البصيرة، نعمة من يملكها، يكتشف أنه يملك كنوزا من البشر، بما تعنى هذه الكلمة من معنًى، كل المطلوب هو النظر للصورة بكاملها، وقتها ستجدها صورة جميلة و معبرة عما نتمنى.
أما المبهر فى الأمر، أن نسبة الصفات الحسنة فيك لن تتعدى الـ 99%، بما يعنى أنه ينقصك شىء ما، هذا الشىء يبحث عنه أيضا الطرف الآخر فى علاقاتك.
وأخيرا، يجب ألا تخسر شخصا سواء كان قريبا أو صديقا أو شريكا بسبب صفة يمكن قبولها، ولكنك لا تحبها، وهو يملك صفات كثيرة أخرى، كلها أجمل من بعضها، تعامل مع الجميل واستمتع به، وهو يمرر السيئ. ولا تتبع نظرية الـ 1%، فهى نهايتها الخسارة.
[email protected]لمزيد من مقالات عماد رحيم رابط دائم: