أذكر أن أستاذنا المرحوم الدكتور عبده الراجحى كانت له كلمات ترسخ فى عقلى وقلبى ومن ضمن ما قاله (إن الجامعة ماهى إلا باب للعلم فمن شاء منك دخل وتعلم العلم ومن شاء ثبت فى مكانه وليس معه إلا شهادة ورقية) وقتها أخذت على عاتقى أن أشترى أى كتاب نحو وألتهمه التهاما وأذكر أنه كان يحذرنا دائما من التهاون فى تحصيل المادة قائلا: أنتم ستعلمون أولاد الناس وهذه أمانة فى عنقكم، ومنذ فترة وأنا أتابع مدرسى اللغة العربى وكانت تصدمنى ضحالة معلوماتهم وكثرة أخطائهم وكانت الصفة المميزة فيهم أنهم يجيدون غناء المنهج والرقص فيه وهذا يبهر الطالب وولى الأمر على حد سواء حتى إن أحدهم أراد أن ينشر مراجعة لدرس الكشف فى المعجم على جروبات الفيس والواتس وصدمت بوجود خمسة أخطاء فى صفحة واحدة ولما أعلمته بالأخطاء وصحتها من المراجع وضع علامة لايك وسكت على ذلك لأن كبرياءه منعه من نشر التصويبات.
ومنذ أسابيع جاءنى مدرس عرف نفسه بأن ترتيبه الثانى على دفعته فى قسم اللغة العربية وأن تقديره جيد جدا مع مرتبة الشرف ويبتغى التوظيف فى المدرسة وأعطيته ورقة اختبار أعددتها فى العطلة الصيفية لاختبار المدرسين ومعظمها أسئلة من امتحانات الثانوية العامة وتوقعت أنه سيحصل على الدرجة الكاملة ولكننى صدمت عندما وجدته يحصل على ثلاث درجات من مجموع عشرين درجة وكانت الصدمة الكبرى عندما طالعت أخطاءه فهى كارثية بمعنى الكلمة فمثلا فى قوله تعالى: وإن كان ذو عسرة..أعرب ذو (اسم إن مرفوع بالواو) رغم أنها واضحة كل الوضوح أنها إن الشرطية الجازمة كما أنه يعرب اسم إن مرفوع؟ وفى سؤال طلب منه اسم الفاعل من الفعل ( رد) فوجئت بإجابته مردود ويكتب بالنص اسم فاعل من غير الثلاثى وعند استعمال لا النافية للجنس على جملة كانت إجابته (لا ذى الهمة راضى بمنازل المتكاسلين) وفى هذه الجملة ثلاثة أخطاء متتالية، ومن خلال مناقشته ذكر لى أن امتحاناته على طريقة MCQ أى اختيارات على ورقة البابل شيت وأعلم أن هذه الطريقة قد تكون صالحة فى المواد العلمية أو اللغة الإنجليزية ولكن يقينا لا تصلح بحال من الأحوال لمادة اللغة العربية فأين الإبداع وجودة الأسلوب ودقة الكتابة الإملائية وأين ما كنا ندرسه من إعراب القرآن وكان يطلب منا إعرابا مفصلا لصفحة من القرآن ثم أين الامتحانات الشفهية التى تختبر فهم الطالب وتطبيقه لما درس. نعم البابل شيت يمتاز بسرعة التصحيح فهى ماكينة تصحح ألف ورقة فى ساعة واحدة ولكن النتيجة الحقيقية هى ما رأيت من تدنى المستوى بصورة ملحوظة، وماذا سيعطى من كان مستواه بهذه الصورة لطلابه؟ مؤكد أنه لن يعطيهم العلم الصحيح فيلجأ إلى الطبل والزمر ويصبح من مشاهير المعلمين، وبهذا قضينا على اللغة العربية وعلى إتقان الطلاب لها فأنقذوا اللغة العربية.
------------
الباحث اللغوى
لمزيد من مقالات أشرف معروف رابط دائم: