هى الأغرب فى التاريخ الإنسانى من حيث أن العالم كله يشاهد دقائق تفاصيل بشاعتها بالكامل على الهواء مباشرة. هى الأقسى فى التاريخ لأن كثيرا من الأسلحة الغربية التى تستخدم فيها موجهة بالأقمار الصناعية، وأن هذه الأسلحة لم تستخدم من قبل وأشد فتكا وأكثر تدميرا من كل أسلحة الحروب السابقة مجتمعة، وأنها نتاج تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة. هى الأعجب لأن طرفيها غير متكافئين, الأول فئة قليلة تقاتل من أجل البقاء والكرامة والشرف وحق الحياة محاصرة من كل الجهات ولا مخرج لها ولا خطوط إمداد لها ولا طعام عندها, وحتى الماء والدواء مقطوعان عنها, ولا أسلحة حديثة لها فكل ما تملكه من سلاح مصنوع فى ورشها البدائية. وطرفها الآخر مدجج بكل أنواع الأسلحة المدمرة وخطوط التموين المستمرة وجسور الأسلحة الفتاكة واستخدام أسلحة المخازن الأمريكية والمناصرة الدولية الجائرة.
هى حرب يقاتل فيها الغرب وإسرائيل كافة فصيلا من فلسطين المحتلة وحيدا إلا من رحمة الله. هى الحرب التى أظهرت للعالم نفاقا غير منظور وغير معروف فى أدبيات النفاق من قبل, وهى الحرب التى عرت الغرب كله من أوراق التوت الواهية ومن شماعاته التى يظهرها خاصة لبقية العالم بشأن حقوق الإنسان وجرائم الإنسانية عندما يريد أن يتسلى ويصيبه الملل.
سبق تلك الحرب ثلاث حروب عالمية وكلها حروب غربية لا ناقة ولا جمل فيها لبقية العالم هى الحرب العالمية الأولى والثانية. أما الحرب العالمية الثالثة فهى بين الغرب الجديد الذى أصبح يشمل ألمانيا بكل مصادرها الجبارة ضمن جنوده, وبين روسيا التى يريد الغرب هزيمتها وتفكيكها مثلما فكك الاتحاد السوفيتى من قبل.هى حرب متكافئة الى حد كبير، لأن روسيا قوة عظمى وتملك السلاح وتصنعه وتملك أقواتها وزيادة وعندها العلم والتكنولوجيا وكل مقومات البقاء ولها حلفاؤها، إضافة الى كونها أكبر قوة نووية فى العالم.
كانت بداية الحرب العالمية الرابعة عندما هاجمت حماس التى تقطن مدينة غزة المحاصرة وأظهرت نوعا من المقاومة القوية والمنظمة فى السابع من أكتوبر عام 2023. هاجت الدنيا وماجت لأن ضحايا الاحتلال الإسرائيلى كثيرون، وكانت غضبة الغرب مضرية، لأن معاييره ليست السن بالسن والنفس بالنفس كما تنص جميع الأديان والقوانين, ولأن قواعد حسابه لها قوانين خاصة تنص على أن الروح الإسرائيلية ثأرها مئات الأرواح العربية. إسرائيل صاحبة الجيش الذى يصنفه العالم بأنه الجيش الذى لا يقهر، والذى لم توقفه من قبل غير مصر، والتى كشفت للعالم ولفتت أنظار الدنيا أنه جيش قابل للهزيمة متى توافرت العزيمة، حتى ولو حاول الغرب كله التدخل لمصلحة إسرائيل وحمايتها ومدها بكل أسلحة ترساناته ومساندتها فى مجلس الأمن وبقية المؤسسات العالمية التى لا تخدم غير المصالح الغربية فى كثير من الأمر.
منذ بداية حرب الإبادة على غزة المحاصرة طبقا لما نشرته صحيفتا لوس أنجلوس تايمز وول ستريت جورنال قامت أمريكا بإمداد إسرائيل بأكثر من عشرة آلاف طن من الأسلحة من خلال جسر جوى تشمل أحدث العربات المصفحة والمدافع الحديثة، بالإضافة إلى أجهزة تحديث للقبة الحديدية والأجهزة الوقائية. كما أمدتها بآلاف القنابل زنة 2000 رطل التى يمكنها اختراق الخرسانة المسلحة والوصول الى الأنفاق والمخابىء وتدميرها. أوروبا لم تقصر فى عدوانيتها ومساهمتها فى حرب الإبادة طبقا لما نشره معهد إستكهولم الدولى للسلام, قامت بريطانيا بإرسال قطع الغيار وكثير من الأجزاء الضرورية اللازمة لطائرات إف- 35 والتى تستخدمها إسرائيل فى قصف غزة منذ اليوم الأول للصراع، إضافة الى الكثير من اللوازم الضرورية لسلاح الطيران الإسرائيلى. أما ألمانيا فترسل الكثير فى الخفاء مثلما قال المستشار الألمانى فى بداية الحرب أثناء لقائه أعضاء البرلمان الألمانى حيث صرح بأن ألمانيا تقوم بإمداد إسرائيل بشحنات من الأسلحة الضرورية، وأضاف أنه لا يوجد الآن غير جانب واحد تقف معه ألمانيا ألا وهو الجانب الإسرائيلى، لأن مسئوليتنا التاريخية النابعة من مسئوليتنا عن الهولوكوست يحتمان وقوفنا الأبدى مع إسرائيل وأمنها.
أما إيطاليا فقد أمدت إسرائيل بطائرات تدريب وطائرات هيليوكوبتر. إضافة الى تلك الأسلحة الفتاكة تقوم الدول الغربية بالعملية الأخطر، وهى التجسس وتحديد أماكن وجود المقاومة ورصدها، وتحديد أماكن الأنفاق من خلال طائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. هذه الإمدادات تجعل إسرائيل تقصف بلا هوادة وبلا خوف من نقص الذخائر نتيجة القصف المستمر والذى أدى الى تدمير غالبية المنازل وتدمير البنية التحتية تدميرا تاما، وإحداث دمار شامل يفوق الدمار الذى أحدثته الحرب العالمية الثانية.
إضافة الى إمدادات الأسلحة يقوم الغرب بإرسال المعونات الاقتصادية التى تقوم بتعويض أى خلل فى الاقتصاد الإسرائيلى منها على سبيل المثال 14 مليار دولار أمريكى تمت الموافقة عليها فورإعلانها من الرئيس الأمريكى. هذه الأموال يوزع منها أجزاء على كل متضرر من الحرب فى إسرائيل مثل التجار ورجال الأعمال. أضف الى ذلك ما تقوم به أمريكا فى مجلس الأمن ووقوفها الدائم لاستخدام الفيتو وتفريغ أى قرار لوقف إطلاق النار من محتواه لإطالة أمد الحرب ولتمكين إسرائيل من الانتهاء من تحقيق إستراتيجيتها وأهدافها المعلنة وهى تسوية غزة بالأرض حتى لا يجرؤ أحد من بنيها فى المستقبل على تعكير الماء الذى تشربه إسرائيل. وزير الدفاع الأمريكى يخرج أكثر من مرة ويعلن على الملأ أن أمريكا لن تسمح بهزيمة إستراتيجية لإسرائيل فى غزة، وبالتالى يطلب من البيت الأبيض ضرورة المد المستدام من الذخائر والقنابل والصواريخ لتحقيق ضمان استدامة القصف على مدار الساعة وحتى تسوى غزة بالأرض.
لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة رابط دائم: