تكشف الأخبار المتداوَلة داخل إسرائيل هذه الأيام أن هناك ما هو أخطر من العنف الوحشى الذى تقترفه حكومة نيتانياهو ضد الفلسطينيين! من هذا ما يؤكد ضعف أصوات نخب الإسرائيليين الذين يرفضون مبدئياً جرائم الحرب ضد غزة. وفى حين أنهم يتبنون آراء يمكن أن يقبلها الفلسطينيون الذين ينادون بالسلام مع إسرائيل، لكن نتائج الانتخابات، عبر سنوات فى إسرائيل، تثبت أنه ليس لهم شعبية يُعْتَد بها، مقارَنة بكتلة مؤيدى نيتانياهو الذين يدعمونه دائماً ويُحرِّضونه على اقتراف المزيد، وعلى التصدى لأى نقد خارجى! كما أن هناك من يعارضون نيتانياهو، لأنهم يتهمونه بالضعف أمام الفلسطينيين، وبالتردد فى تطوير العنف ضدهم! ومن بين هؤلاء من يقول إنه كان على نيتانياهو، فور هجوم حماس فى 7 أكتوبر، أن يقتل ما لا يقل عن 100 ألف فلسطينى، لأن هذا، كما يقولون، هو الذى يردع الفلسطينيين! وفى رأى بعضهم أن الفلسطينيين جميعاً إرهابيون يجب قتلهم بلا رحمة، وأنه ليس مقبولاً معاملة الفلسطينيين من خارج أنفاق غزة على أنهم مدنيون لهم حقوق تصونها قوانين دولية، لأنهم، فى رأى هذه الفئة من معارضى نيتانياهو، يتمنون أن ينضموا إلى صفوف المقاتلين ضد إسرائيل. ويقول هؤلاء المعارضون إن هذا يجيز معاملة كل سكان غزة كإرهابيين وقتلهم فى الشوارع والميادين! كما أن الأطفال الفلسطينيين، فى نظرهم، سيصيرون إرهابيين عندما يتمكنون من حمل السلاح، بما يبرر قتلهم فى الصغر قبل أن يكبروا ليقتلوا الإسرائيليين! كما أن بعض المحللين قد يخدعه موقف ذوى الأسرى لدى حماس، وهم يطالبون بوقف النار، ولكنهم يستهدفون حماية ذويهم فقط، أما بعد الإفراج عنهم، فمطلبهم أن يقوم جيش إسرائيل بتسوية غزة بالأرض! هذا الانتشار الواسع لهذا التفكير، يؤكد أنه راسخ وقديم. لذلك، على الفلسطينيين أن يتذكروا أن التجارب السابقة تثبت أنه لا يمكن أن تخفت أصوات هؤلاء إلا عندما تصدمهم قوة تخيفهم، مع ذكاء وقدرة على التفاوض معهم، وعلى عدم الانزلاق فى الخيالات، بل إدراك تعقيدات اللحظة وممكناتها، وضرورة التمسك بقرارات الشرعية الدولية، وعدم التنازل عما صار متاحا نتيجة للتطورات الأخيرة، مثلما حدث بعد نصر أكتوبر، عندما جعلتهم مصر يرضخون بإرجاع سيناء كاملة.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: