الأرقام التى ذكرها الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قبل أيام، تؤكد بما لايدع مجالا للشك، أن الدولة المصرية مؤمنة تماما بأن توطين الصناعات المختلفة هو الباب الكبير لتحقيق التنمية المستدامة، وللانطلاق نحو المستقبل . ولسنا هنا فى وارد إعادة سرد كل الأرقام التى أوردها الوزير، فى كلمته أمام الجمعية العالمية للتشريع الضريبي، والتى تعقد مؤتمرها هذا العام تحت عنوان: «دور السياسات المالية والنقدية فى دعم الصناعة الوطنية».
وسوف نكتفى هنا برقم لافت ذكره الوزير، وهو أن الدولة المصرية تتيح حاليا 160 مليار جنيه كتمويلات ميسرة يستخدمها الإنتاج الصناعى والزراعى فى إقامة مشروعاته، وبسعر فائدة على هذا المبلغ لا يزيد على 11%، ومن ثم فإن خزانة الدولة تتحمل فرق سعر الفائدة، وهو مبلغ 13 مليار جنيه، أو يزيد. هذا الرقم معناه ببساطة أن الدولة مستمرة فى تطبيق سياسة مالية داعمة كل الدعم لتوطين الصناعة فى مصر، وذلك لتحقيق الكثير من الفوائد، على رأسها أولا، أنها، أى الصناعة، تتيح تشغيل ملايين الأيدى العاملة، مما يخفف من حدة أزمة البطالة، ثم إن الصناعة ثانيا، ستزيد من إنتاج السلع القابلة للتصدير لجلب المزيد من العملات الصعبة الأجنبية التى نستخدمها فى استمرار عملية التنمية. وثالثا، فإن الصناعة تفتح الباب واسعا أمام جذب الاستثمارات حيث أن سوق الاستثمارات الصناعية هى أكبر سوق بالعالم.
وسعيا إلى تحقيق هذه الأهداف، التى تصل فى النهاية إلى الغاية الأهم، وهى تحويل مصر إلى قلعة صناعية كبري، وقوة اقتصادية لايستهان بها فى إقليمها، فقد اتخذت الحكومة خطوات جادة وواقعية، ومن بين تلك الإجراءات، إطلاق مسار جديد يستهدف تقديم مزايا وحوافز نقدية ملموسة للمستثمرين فى المجال الصناعي، خاصة فيما يتعلق بالصناعات المحافظة على البيئة، والاقتصاد الأخضر النظيف. ويمكن هنا الإشارة إلى صناعة السيارات صديقة البيئة. وهناك بالطبع صندوق تمويل صناعة هذا النوع من السيارات، بميزانية قدرها 500 مليون جنيه.
وقد أنجزت الحكومة ، بقراراتها المختصة بقضية الصناعة، الكثير من خطوات تبسيط الإجراءات أمام المستثمرين. ولعل من أهم تلك الإجراءات ما يسمى الرخصة الذهبية، والتى تعنى أن المستثمر سيكون قادرا، من الآن فصاعدا، على الحصول على كل التوقيعات والاستمارات فى موافقة واحدة، من مكان واحد، توفيرا للوقت والجهد. وعلاوة على ذلك صرف مبالغ تحفيزية للشركات الناجحة فى التصدير للخارج، وقد بلغت هذه المحفزات حتى الآن نحو50 مليار جنيه، منذ عام 2019 حتى الآن . وكذلك فإن هناك ما يسمى حافز الاستثمار، بنسبة خصم تتراوح بين 23% و55% من الضريبة المستحقة على الأرباح وذلك لمشروعات الهيدروجين الأخضر، والصناعات الإستراتيجية، التى تتم على الأرض المصرية.
وتبقى الإشارة إلى التوجيهات الرئاسية، بإعفاء المشروعات الصناعية الإستراتيجية من بعض أنواع الضرائب، لمدة خمس سنوات، تشجيعا للمستثمرين ليتوجهوا إليها.
وإذن فنحن أمام إستراتيجية شاملة، مدروسة بكل دقة، وأمام تصميم حقيقى ، وإرادة جادة، للنهوض بالصناعة الوطنية المصرية، وقريبا بإذن الله سوف نرى مصر وقد تحولت إلى نمر اقتصادى إفريقى جبار على غرار النمور الاقتصادية فى آسيا الآن.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: