جاءت تأكيدات وزير الموارد المائية والرى، الدكتور هانى سويلم، قبل أيام بأن من أهم التحديات التى تواجه قطاع الرى المصرى، بل ومستقبل الشعب المصرى كله، هو محدودية المياه الناتجة عن تأثيرات التغير المناخى.
وأشار الوزير، خلال مشاركته فى فاعليات مؤتمر أطراف المناخ فى دبى، إلى أن الارتباط كبير بين الشح المائى والأمن الغذائى للمصريين، ولذلك أولت القيادة السياسية، فى السنوات العشر الماضية، اهتماما غير مسبوق برفع كفاءة استخدام المياه، التى هى العامل الأساسى فى إنتاج الغذاء.
ولا ينكر أحد حجم المشروعات الضخمة التى تم إنشاؤها، سواء لإعادة استخدام المياه، أو التحول إلى أنظمة الرى الذكية، أو فى مجال تحلية المياه واستخدامها فى زراعة المحاصيل لتوفير الغذاء.
ولعل من الضرورى هنا التذكير بما أوردة الوزير سويلم بأن الدولة المصرية أنفقت حتى الآن نحو عشرة مليارات دولار على مشروعات رفع كفاءة استخدام المياه.
ويعرف الخبراء العاملون فى مجال الرى أن من أهم الإنجازات الاتجاه نحو التعاون مع الخبرات العالمية المتعلقة بالرى الذكى. ومن هنا تم الاتفاق بين سويلم وخبراء اليونسكو، فى أثناء لقائهم على هامش مؤتمر دبى للمناخ، على أن توفر المنظمة العالمية دورات تدريبية للعاملين المصريين فى قطاع الرى، وكذلك للمزارعين، الذين هم فى أمس الحاجة لإدراك أن ترشيد استخدام مياه الرى، يعد مسألة حيوية جدا فى مقبل الأيام، نظرا إلى ندرة المياه العذبة الصالحة للزراعة، ليس فى مصر وحدها، وإنما فى بلدان العالم كله.
ولاشك فى أن ما تحقق من مشروعات قومية فى مجال الحفاظ على المياه وزيادة كفاءة استخدامها، لا تكفى هذه المساحة لحصره، وإنما يمكن ذكر بعض الأمثلة. ومن ذلك مشروعات تدعيم السد العالى، الذى يعود له الفضل الأكبر فى حفظ حصة الماء الآتية لمصر من الجنوب، حيث لا تتوقف أبدا جهود حماية السد وتطوير بحيرة السد.
وغنى عن الذكر أنه ما من مصرى إلا ويعرف الجهود الجبارة فى هذا الصدد، سواء فى بحيرة ناصر، أو فى مفيض توشكى، أو فى خزان أسوان.
وأيضا فإن من المشروعات الكبرى مشروع نقل ما يقرب من مليون متر مكعب من مياه مصرف منطقة المحسمة إلى شرق قناة السويس بغرض تنمية شبة جزيرة سيناء، بما فى ذلك إقامة محطتى رفع على المصرف الواقع غرب القناة.
وعلاوة على ذلك هناك مشروع مصرف بحر البقر، ونقل مياهه إلى شرق القناة، وكذلك مشروعات الحماية من أخطار السيول، وتنمية جنوب الوادى، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، وغيرها.
إن توفير مياه الرى يعد على رأس أولويات التنمية الشاملة فى مصر. ومع وصول المساحة المزروعة حاليا إلى ما يقرب من عشرة ملايين فدان فإن الحاجة إلى التحول نحو أنظمة الرى الذكى لم تعد ترفا، أو مجالا للتجارب والدراسات الجامعية فقط، بل باتت ضرورة حياتية، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار حجم الفاقد المائى الضخم الناتج عن استمرارنا فى تطبيق أنظمة الرى التقليدية الموروثة منذ الأجداد. إن الرى الذكى لا يوفر الماء فقط، بل يضمن لنا إنتاج محاصيل أكثر، وأجود، وهو ما سيعود بالخير على الشعب كله، وعلى المزارع وأسرته تحديدا.
وسوف يفتح الاعتماد على الرى الذكى المجال أمام نقل أحدث تكنولوجيا العصر فى الرى إلى الأراضى الزراعية، ومن ثم نحافظ على التربة، ونزيد غلة الفدان، ونوفر الماء فى الوقت نفسه. إن فى خطة الحكومة حاليا مشروعات مثل الدلتا الجديدة، ومستقبل مصر، وتنمية وسط وشمال سيناء، وغيرها، ولن يتحقق هذا كله إلا من خلال الرى الذكى الذى قطعت فيه مصر بالفعل شوطا كبيرا، ليكون الهدف الأسمى هو توفير أكفأ استخدام للمياه المتاحة.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: