الانتخابات هى المظهر الأساسى للعملية الديمقراطية، إذ لا وجود للديمقراطية دون مشاركة، ولا سبيل للمشاركة إلا من خلال صناديق التصويت.
وإلى جانب ذلك، فإن الانتخابات هى أحد روافد ضخ الحيوية السياسية فى شرايين النظام السياسى للدولة، ومعروف لنا جميعا أن المجتمعات التى يمارس أفرادها عملية التصويت، سواء فى الانتخابات النيابية، أو الرئاسية، أو المحليات، هى المجتمعات الأكثر تقدما وازدهارا، وذلك لسبب بسيط هو أن جموع الناس هم من يصنعون القرارات، وأن القيادة السياسية لهؤلاء الناس تستجيب لرغباتهم ومصالحهم، ومن هنا فإنه كلما شارك الجمهور العريض فى عمليات التصويت، بمختلف أنواعها، زادت حيوية المجتمع.
ونحن هنا فى مصر، سوف يتوجه عشرات الملايين منا غدا الأحد إلى صناديق الانتخابات لاختيار رئيس الجمهورية لفترة رئاسية مقبلة. وبدهى أنه بقدر مشاركتنا فى التصويت بقدر ما ستزداد حيوية الأداء لكل مكونات المجتمع وأنشطته، ليس على الصعيد السياسى الضيق فحسب، وإنما اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، لأن المشاركة تجعل المواطن راغبا فى بناء مجتمعه على كل المستويات.
علاوة على هذا، فإن الحيوية السياسية عبر المشاركة فى الانتخابات، تحقق ثلاث فوائد غاية فى الأهمية للمجتمع. إنها أولا، تزيد من انتماء المواطن لوطنه، وهذا الانتماء نابع من إحساس المواطن بقيمته وكرامته، وأنه ليس مجرد رقم هامشي، بدليل أن صوته فى الصناديق مطلوب، ويتسابق على الحصول عليه كل المرشحين.
وثانيا، إن المشاركة فى التصويت تزيد الحيوية، من خلال زيادة الوعى السياسى لدى المواطن. وكما هو معروف فإن المناخ الذى يسبق أيام التصويت يتم فيه تغيير المزاج العام بالمجتمع، ويجعل الناس يتكلمون ويناقشون ويتحاورون حول قضايا وطنهم، ويتبادلون الآراء، ومن ثم رفع درجة الوعي.
ثم ثالثا، فإن المشاركة تزيد الحيوية عن طريق تثقيف المواطن البسيط. وبدهى أن وسائل الإعلام المختلفة سوف تناقش برامج المرشحين، ورؤيتهم لحل مشكلات المجتمع، وسوف يتم إجراء المناظرات والندوات والمؤتمرات الانتخابية، وبالتالى سيسمع المواطن العادى لغة لم يكن يسمعها فى أيامه الأخري، فيرتفع مؤشر ثقافته، وهو ما سيؤدى فى نهاية المطاف إلى حماسته للمشاركة، ليس فى التصويت فقط، بل فى كل مجالات العمل العام، وسيكون عنصرا فاعلا فى عملية التنمية التى يشهدها المجتمع المصرى حاليا.
وتبقى للانتخابات فائدة إضافية شديدة الأهمية، وهى تحسين صورة المواطن المصري، بل المجتمع المصرى بكامله فى الخارج، إن المشاركة السياسية هى عنوان رقى الإنسان، حيث إن الديمقراطية والانتخابات والتمثيل النيابى، هى مظاهر التطور السياسى الذى بلغه المواطن فى العصر الحديث، وطبعا الإنسان المصرى ليس أقل من أى أحد.
وللعلم فإن تحسين الصورة ليس هدفه المباهاة أو الافتخار أو الدعاية، بل تكمن أهميته أيضا فى جذب الاستثمارات والسائحين والشركات الكبرى للمساهمة فى التنمية الاقتصادية. إن الحيوية السياسية ستؤدى إلى تحسين صورة المصريين ومصر كمجتمع آمن محترم متقدم، مما سيشجع الآخرين على المسارعة إلينا ،ومشاركتنا فى بناء مصر المستقبل. لهذا كله فإن العالم ينتظر من جموع المصريين التدافع على اللجان للتصويت بمنتهى الحرية، وهذا ما سوف نراه كلنا غدا.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: