تمثل خطوة إطلاق القمر الصناعى المصرى «مصر سات 2» نقلة مصرية نوعية حقيقية وجادة ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة.
عملية الإطلاق التى جرت من قاعدة «جوتشوان» لإطلاق الأقمار الصناعية فى شمال غرب الصين، أمس الأول، على متن صاروخ حامل من طراز «لونج مارش 2 سي»، والتى تمت بموجب اتفاقية للتعاون الفنى والاقتصادى بين القاهرة وبكين، فى إطار علاقة المشاركة الاستراتيجية الأكثر شمولا بين البلدين الصديقين، وضعت مصر ضمن قائمة الدول التى تملك «منتجا» مصريا فى الفضاء، وهو ما يعد نتاج عمل دءوب وجهد مخلص وأبحاث رفيعة المستوى لعلمائنا على مدى سنوات، بالتعاون مع الجانب الصيني، حيث كان فريق من مهندسى وكالة الفضاء المصرية قد شارك مع فريق من الخبراء الصينيين فى كل مراحل تصميم وتصنيع هذا القمر الصناعي.
التفاصيل والخلفيات تعد أفضل ما فى هذا العمل الكبير، ففريق العلماء المصريين نجح بالفعل خلال تلك المراحل فى تنفيذ أحد مكونات القمر بالكامل، كما تم تجميع وتكامل واختبار النماذج المختلفة للقمر فى مركز التجميع والتكامل والاختبار بوكالة الفضاء المصرية، وهو ما يعد تنفيذا عمليا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى المستمرة بشأن ضرورة توطين الصناعات المتطورة، مثل الأقمار الصناعية.
أما النتائج المتوقعة، فهى تفوق التوقعات، فهذا القمر، الأكبر من نوعه فى إفريقيا والشرق الأوسط، سيخدم بشكل رائع أهداف التنمية المستدامة للدولة المصرية، ودعم الاقتصاد الوطني، حيث من المنتظر أن تستخدم التكنولوجيا الفضائية فى تطوير مجالات حيوية، ومنها الزراعة، واستكشاف الثروات المعدنية، وتحديد مصادر المياه السطحية، ودراسة تأثيرات التغير المناخى على البيئة، وهو ما سيكون له أبلغ الأثر على أنشطة حياتية كثيرة.
وبصورة أكثر وضوحا، فإن الدولة المصرية، بكل مؤسساتها ووزاراتها، لا تتوانى أبدا عن تنفيذ أى خطوة أو أى جهد يهدف إلى دعم قطاعات الرى والزراعة والبيئة تحديدا، نظرا للارتباط الوثيق بين هذه القطاعات تحديدا، وبين أهمية توفير سبل النجاح أمام زيادة رقعة مصر الزراعية، وزيادة إنتاجية الفدان، وتحسين السلالات الزراعية، وترشيد الرى والحفاظ على المناخ وحماية البيئة، وهو ما يؤدى بالتأكيد إلى زيادة إنتاج مصر الزراعى والحيواني، وتوفير السلع الأساسية والمواد الغذائية، وتقليل الاستيراد من الخارج.
ومن المكاسب الأخرى لإطلاق «مصر سات 2» دعم مكانة مصر فى هذا المجال، سواء على مستوى القارة الإفريقية، أو على مستوى الشرق الأوسط، لأن هذه الخطوة تعنى أن مصر ستكون مركزا مناسبا لتنظيم وتوفير البرامج التدريبية المتخصصة فى تأهيل الكوادر المتخصصة من أبناء الدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن إمداد هذه الدول بالبيانات الفضائية التى يحتاجونها، وهو ما يؤكد أيضا دور مصر الريادى فى مساعدة أشقائها.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: