نفاجأ بين الحين والحين بتصريحات عجيبة غريبة يدلى بها مسئولون إسرائيليون، وبالتأكيد فإن بعض هذه التصريحات هى للاستهلاك المحلى الإعلامى فى الداخل الإسرائيلي، لكن بعضها ـ مع ذلك ـ يعكس فهما خاطئا، وحسابات غير دقيقة، وآخر هذه التصريحات غير المسئولة ما صدر عن الإسرائيلى المتطرف، بتسلئيل سموتريش، وزير مالية إسرائيل، التى اقترح فيها تفريغ قطاع غزة من أصحابه الأصليين، وذلك بتهجير الفلسطينيين من القطاع، وطردهم إلى أمكنة أخري، وهكذا فإن من لا يملك يحكم فيما ليس له.
وبطبيعة الحال فإن الموقف المصرى ثابت وواضح غاية الوضوح فى مسألة التهجير القسرى هذه، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى كل مناسبة أتى فيها ذكر لأزمة غزة، رفض مصر التام والكامل لهذا التصور، وشدد الرئيس على أن مصر لا تقبل أبدا تصفية القضية الفلسطينية، أو أن يكون حل الأزمة على حساب أى طرف آخر، سواء كان هذا الطرف مصر، أو الأردن، أو لبنان، أو غيرها. إن الحل الوحيد هو حل الدولتين، بأن يكون للفلسطينيين دولتهم المستقلة، داخل حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ولن تقبل مصر أى كلام آخر.
وزير الخارجية، سامح شكري، بدوره أكد أمس الأول أن أى تصريح مماثل لما نطق به الوزير الإسرائيلى هو مخالفة صريحة للقانون الدولي، وأن التفكير أو تشجيع تهجير أهالى غزة أمر مرفوض تماما.
وتطرق الوزير شكرى إلى أن ما تروج له بعض الدوائر الإسرائيلية، بأن نزوح مواطنى غزة عنها يتم بشكل طوعى هو محض افتراء كاذب، لأن نزوحهم ليس إلا نتاجا للاستهداف العسكرى الإسرائيلى المتعمد لهم، وللتجويع، وللحصار، ولهدم المنازل فوق رءوس ساكنيها، فيما يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، حسبما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة، لسنة 1949.
وعلى صعيد آخر، فإن لجوء إسرائيل إلى منع وإعاقة دخول المساعدات الإنسانية هو مسعى منها للإسراع بتنفيذ هذا التهجير القسري، وهى مسألة باتت مكشوفة للرأى العام العالمى كله، والدليل على ذلك تلك المظاهرات الغاضبة الرافضة فى شتى عواصم العالم.
من جانب آخر، فإن أصحاب الأرض، الفلسطينيين، أوضحوا موقفهم المبدئى والثابت، وهو أن غزة جزء لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينية، ولا دولة فلسطينية بغير غزة، ويعرف كل فلسطينى أن تفريغ غزة من سكانها هو تضييع تام للوطن الفلسطينى بالكامل، وهذا أمر غاية فى الخطورة، ليس على مستقبل المنطقة كلها فقط، بل على مستقبل إسرائيل نفسها أيضا، ومن هنا فإن على قادة إسرائيل ومسئوليها المتشددين إعادة حساباتهم، وعليهم أن يؤمنوا بأن هناك شعبا اسمه الشعب الفلسطيني، لا يمكن محوه من الوجود، وأن الغد ليس مأمون العواقب للشعب الإسرائيلى نفسه.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: