من الأخطاء التاريخية الكبرى على أصحابها أن الثابتين من القوى العظمى على تأييد إسرائيل مهما اشتطت، اندفعوا، بحكم العادة ودون تريث، فى تأييد نيتانياهو وحكومته، التى تضم أكثر المتطرفين فى إسرائيل، فى جريمتهم البشعة فى العدوان الرهيب على المدنيين العزل فى غزة، باستخدام الأسلحة المُحرَّمة دولياً، وقتل الآلاف فى أسابيع قليلة أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء غير المشاركات فى أى قتال، وقصف المنازل والمدارس والمستشفيات والكنائس والمساجد ومقار الأمم المتحدة، وتعويق عمل الصحفيين وقتل بعضهم، وقطع الكهرباء والمياه والغذاء والوقود والدواء والإنترنت، وعدم التساهل أمام تعطل المستشفيات لانعدام الإمكانات والوقود..إلخ. مع مجاهرة مؤيدى نيتانياهو بأنهم مقتنعون بأن جرائمه الرهيبة هى ردّ فعل يقبلونه على ما يسمونه إرهاب حماس فى 7 أكتوبر، وينسون احتلال إسرائيل للأرض، وتدميرها كل اتفاقات السلام حتى التى صدَّقت عليها، مع استمرارها فى العنف ضد كل احتجاج سلمى للفلسطينيين حتى إذا كان تجمعاً للأطفال..إلخ! وبعد كل هذا لا يوافق مؤيدو نيتانياهو على وقف إطلاق النار إلا حتى تُكمِل إسرائيل مهمتها، وأكبر ما يقبلونه هو مجرد هدنة تُسلِّم فيها حماس، بلا شروط، الرهائن لديها.
لاحِظ أن هذا التأييد المطلق الذى يحظى به نيتانياهو من خارج إسرائيل لا يناله من شعبه، فالمظاهرات ضده لم تتوقف منذ فوزه بتشكيل الحكومة، لقضايا الفساد المتهم فيها رسمياً، ولعدوانه على السلطة القضائية بهدف حماية نفسه من المساءلة، كما أن هناك اتجاهات كثيرة من شعبه يعرفون أن تشدده فى حربه الأخيرة لأنه يهدف أن ينال الرضا العام علَّ الاتهامات ضده أن تسقط..إلخ، ولم يقلل من المعارضة ضده سوى اشتعال الأزمة الأخيرة. كما أن هناك كثيرين من المؤثرين فى الرأى العام الإسرائيلى، من معارضيه، مقتنعون بأنه يجب الدخول فى مفاوضات مع حماس، مع تسليمهم بأنها مفاوضات صعبة وأنه عليهم تقديم تنازلات. وكما هو واضح فإن هذا الطرح الأخير يعرض بدائل أكثر مرونة مما يطرحه المتشددون فى تأييده بالخارج! أما خسائر مؤيديه، فمنها أن العالم يشهد منذ سنوات حركات متنامية نحو بناء نظام عالمى جديد، ويأتى هذا التأييد ليُعزِّز حججَ دعاة التجديد، وليساعد بعض المترددين على أن يتخذوا خطوة.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: