يحرص الرئيس السيسى، منذ بدء العدوان الإسرائيلى الرهيب على المدنيين فى غزة، على أن يؤكد عدة مرات موقف مصر الثابت برفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم خشية تصفية القضية الفلسطينية وفق رؤية إسرائيل، مع إعلانه لرفض مصر لفكرة أن يكون إنقاذ حياة أبناء غزة على حساب أو مصلحة أى شعب آخر. وهى رسائل قوية من الرئيس، فكما أنها تطمئن الشعبين الفلسطينى والمصرى، فإنها موجهة إلى أكثر من طرف، أولهم الإسرائيليون أصحاب مخطط التهجير لتحقيق مرحلة إضافية فى مشروعهم القديم، وكذلك إلى كل الأطراف الدولية التى منها من يساعد المخطط الإسرائيلى، والأطراف الأخرى الصامتة حتى ترى تطورات الأوضاع. وكان آخر تأكيد للرئيس هذا المعنى فى حديثه التليفونى مع الرئيس الأمريكى بايدن الأحد الماضى، حيث صرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيسين ناقشا جوانب التصعيد العسكرى فى قطاع غزة، وأن الرئيس السيسى أكد للرئيس بايدن موقف مصر الثابت برفض سياسات العقاب الجماعى والتهجير، مؤكداً أن مصر لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضى المصرية، فيما أكد الرئيس بايدن رفض بلاده لنزوح الفلسطينيين خارج أراضيهم. أما أهمية العبارة الأخيرة التى قالها الرئيس بايدن، فهى أنها تحسم، حتى لو كان مؤقتاً، وحتى لو كان بشكل دبلوماسى، تعليقات متناثرة فى أمريكا، كانت تتوهم أنها يمكن أن تدفع فى سبيل إرغام مصر على قبول مشروع التهجير، وكانت توجه انتقادات لمصر تتهمها صراحة بأنها (متعنتة!) فى مسألة قبول تهجير الفلسطينيين إلى مصر! وكانت هذه التعليقات على ألسنة بعض المسئولين الأمريكيين، أو نقلاً عن صحف أمريكية كبيرة نسبت الانتقادات إلى مصادر رسمية مطلعة على موقف الإدارة الأمريكية. إن الثقة التى يتحدث بها الرئيس السيسى، مؤشر مهم، ليس فقط على حرص مصر وتمسكها بالحقوق الفلسطينية، وكذلك على حماية الأراضى المصرية، ولكنها تؤكد أيضاً أن الرئيس أجرى حسابات معقدة تضع فى الاعتبار كل الأبعاد المتداخلة فى القضية، والتى منها هذه الحشود البحرية الأجنبية فى البحرين الأحمر والمتوسط، والتى ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنها بلغت أكثر من 50 سفينة حربية من 11 دولة، وقالت إنه لم يسبق لها أن اجتمعت منذ الحرب العالمية الثانية!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: