من أكثر التعليقات إثارة للدهشة فى الأمم المتحدة ما قاله مندوب إسرائيل يوم الجمعة الماضى، احتجاجا على قرار الجمعية العامة الذى صدر بأغلبية كبيرة لوقف إطلاق نار فورى فى غزة. قال: لم يتبق ذرة واحدة من الشرعية للأمم المتحدة!! ولم يَصدر من إسرائيل بعدها ما يصحح هذا التصريح، الذى ينطوى على إشارات كثيرة مهمة، منها أنه منح حجة قوية لأعداء إسرائيل لتعزيز موقفهم فى المناظرات، حتى لو لم يكن لها أثر يفيدهم فى الواقع السياسى العملى، خاصة عندما يقرنونها بتناقضها الواضح ضد حجة إسرائيل القديمة، التى عاشت بها زمنا، بأن شرعية إنشائها تستند إلى قرار من الأمم المتحدة عام 1947، الذى نص على تقسيم فلسطين، ومنح إسرائيل الأرض التى تأسست عليها!
جاء هذا بعد أيام من تعليق غاضب آخر للمندوب دعا فيه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش إلى الاستقالة الفورية، اعتراضا على تصريح لجوتيريش، رآه كثيرون متوازنا، أدان فيه بشدة ما وصفه بهجوم حماس الدامى على إسرائيل، لكنه أضاف بأن هجوم حماس لم يأت من فراغ، لأن الفلسطينيين عانوا من (احتلال إسرائيلى قمعى) لعقود من الزمن، وأن إسرائيل ارتكبت انتهاكات ضد القانون الإنسانى الدولى.
رفضُ إسرائيل قديم ومعروف لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم أن قراراتها غير مُلزِمة، على نقيض رضاها عن قرارات مجلس الأمن حيث تضمن صوت (فيتو) واحد على الأقل يمنع أى قرار ضدها. أما الجمعية العامة، ووفقا لدراسة رصدت الفترة بين 2015 و2022، فقد أصدرت 140 قرارا تنتقد إسرائيل فى مثل بناء المستوطنات أو ضم هضبة الجولان. قارِن هذا، فى نفس الفترة، بـ68 قرارا فقط تناولت كل مناطق العالم الأخرى! ولا تُقلِق هذه المعلومة الإسرائيليين بقدر ما تثير غضبهم! أما ما يُشْعِرهم بالخطر، فهو ما كشفت عنه عملية 7 أكتوبر، وهو ما يجب أن يضعه خصوم حماس فى حساباتهم، بغض النظر عن آرائهم فى نشأة ونوايا وأهداف حماس، ومن المؤشرات المهمة ما نشرته بعض المواقع عن جنرال احتياطى بالجيش الإسرائيلى اسمه (جيرشون هكوهين) يقول: فى 7 أكتوبر، انهار الحلم الإسرائيلى بالشعور بالأمن، وانهار معه مفهوم أن إسرائيل تستطيع حماية حدودها وإنزال هزيمة ماحقة سريعة بعدوها!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: