لا يعدم المعادون لاختيارات الشعب المصرى الجرأة على الافتراء العلنى والكذب المتعمد حتى أمام النجاحات النوعية للسياسة المصرية، فبعد ساعات من الإنجاز التاريخى الذى حققته مصر، فى معركة ضخمة أمام العالم كله، فَرَضَت فيها إرادتها واختياراتها على أقوى القوى العالمية، برفضها عبور الأجانب العالقين فى إسرائيل عبر رفح دون السماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهل غزة، وبعد أن أجبرت الجميع على أن تدخل المساعدات أولاً، وبعد أن عَبَرَت بالفعل القافلة الأولى أمام عدسات تليفزيونات العالم أجمع، خرج هؤلاء على شاشاتهم ومواقعهم بصراخهم وعروقهم النافرة ينتقدون مصر بأن المعونات غير كافية! وهو ما ينطوى، ليس فقط على مغالطة الإقلال من الإنجاز الضخم، وإنما أيضاً بتعمد تجاهل مسئولية إسرائيل منذ البداية، مدعومة بقوى دولية، عن رفض المعونات مبدئياً، ثم، وبعد أن رضخت للضغط، ساومت فى نوعية وكمية ما يدخل لغزة، برغم توضيح مصر بأنه الاتفاق مع الرئيس بايدن على استمرار تدفق المعونة. أى أن هذه أول دفعة تليها دفعات..إلخ.
يتغاضى المنتقدون عن الإشارة إلى أهم موقف مُستَجَد فى المنطقة الذى رفض فيه قادة الأردن وفلسطين ومصر، قبل أيام قليلة، مقابلة الرئيس الأمريكى فى الأردن، احتجاجاً على استمرار إسرائيل فى جريمتها البشعة بقصف المدنيين فى غزة. وعرف العالم كله، إلا من يشنون الحملات المعادية، أن مصر هى التى حَرَّكت هذا الموقف العربى لأول مرة فى التاريخ. ثم تجاهل هؤلاء مؤتمر قمة القاهرة للسلام بالقاهرة، الذى نجحت فيه مصر فى جمع قادة ورؤساء حكومات ومبعوثى عدد من الدول الإقليمية والدولية، مع ممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى، ليس فقط لإسماع مؤيدى إسرائيل فيهم على جريمة إسرائيل وعلى وجهة النظر الفاضحة لها، وإنما لعرض التباين فى جهات النظر على مائدة واحدة للعالم كله، ليعلم الرأى العام العالمى موقف كل دولة بلسان من يمثلها رسمياً، وليشاهد حجج وأدلة من يدينون العدوان الإسرائيلى، وليدرك مدى تهافت موقف المؤيدين والصامتين عامدين عن الجريمة. ووفق الأولويات، كان يجب توصيل المعونات الطبية والغذائية أولاً، ولكن مصر أصرت على تسجيل كل ما من شأنه أن يحل جذور المشكلة بتأكيدها وجوب إنشاء الدولة الفلسطينية كأهم شرط للتهدئة المستقرة.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: