من الواضح أن إسرائيل لديها «ضوء أخضر» صريح من القوى الكبرى «لافتراس» غزة، سواء تم ذلك من خلال غزو برى شامل أو جزئي، أو عبر مواصلة القصف الوحشى المدمر للقطاع لفترة قد تطول، دون تفرقة بين مدنيين وغيرهم.
ظهر هذا واضحا فى اجتماع مجلس الأمن الذى فشل فى تبنى أى إجراء ينقذ غزة وأبناء الشعب الفلسطينى من الجريمة الإسرائيلية التى ترتكب، وستتواصل، وتشتد، خلال الأيام المقبلة، بحجة الانتقام لخسائر هجمات «طوفان الأقصي».
مجلس الأمن ناقش فى جلسته مشروع قرار روسى يهدف إلى وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة لأسباب إنسانية، يكون وقفا مستداما ويحظى بالاحترام من جميع الأطراف، ويدعو أيضا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن وتهيئة الظروف لإجلاء المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ولكن المناقشات انتهت إلى خيبة أمل متوقعة، وإلى «لا شيء»، ولم يحصل مشروع القرار على أغلبية، فقد صوتت خمس دول فقط لصالحه، وعارضته أربع دول هى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان، فيما امتنعت ست دول عن التصويت، هى البرازيل وغانا وسويسرا والإكوادور وألبانيا ومالطا.
المبعوث الروسى فى المجلس أعرب عن أسفه إزاء رفض مشروع القرار، وقال إن مجلس الأمن رهينة أنانية الدول الغربية، بينما كان واضحا إصرار الولايات المتحدة على إفشال أى تحرك تقوده روسيا، وتذرعت بأن مشروع القرار تم طرحه بدون مشاورات، وأصرت أيضا على ضرورة إدراج حركة حماس فى النص، بوصفها المتسببة فى الأزمة الإنسانية فى غزة، وفقا للرؤية الأمريكية للأحداث.
ولا شك فى أن الدرس الرئيسى هو صحة موقف الدول التى طالبت مرارا وتكرارا بإصلاح مؤسسات الأمم المتحدة، وعلى رأسها مجلس الأمن، حتى يستطيع أن يكون جهة يعتد بها فى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، والدفاع عن حقوق شعوب الأرض.
هذه النتيجة توصلنا إلى نتيجة أخرى بالضرورة، مفادها أن الفترة المقبلة، ومهما تنجح فيها جهود وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، أو إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، فإن أى فرص لإنهاء هذه الأوضاع المزرية بشكل دائم، تكاد تكون منعدمة فى ظل استمرار غياب أى أفق لإيجاد تسوية شاملة ودائمة وعادلة للقضية الفلسطينية، كما تطالب مصر فى كل المحافل والمناسبات.
ويبقى الأمل فى اقتراح مصر بعقد قمة إقليمية لبحث القضية.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: