ليت المتحمسين فى مجلس النوّاب إلى منح المدرسين صلاحيات أوسع فى التأديب والعقاب، ومنها ضرب التلاميذ بالعصا، أن يراجعوا أنفسهم، خاصة فى قولهم المرسل، الذى هو فى حاجة شديدة إلى أدلة، بأن الكثير من النظم التربوية فى مختلف الدول الغربية، بعدما ألغت أسلوب الضرب بالعصا داخل المدارس نهائياً، رجعت فى قرارها! فهذا كلام فى حاجة إلى مراجع دقيقة يُعتَدّ بها، حتى لو كان يجب علينا محاكاة الغرب! فقد تقدَّمت نائبة فى مجلس النواب بطلب إبداء اقتراح برغبة إلى المستشار حنفى جبالى، رئيس المجلس، مُوَجَّه إلى الدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم، لإعادة النظر فى آليات عودة هيبة المعلم داخل المدارس فى مصر لأداء رسالته، وذكر الطلب هذا الشرط الغريب باستخدام المدرس للضرب بالعصا كوسيلة ليكون لدينا المعلم والمربى الفاضل، وأن هذا هو الذى يعيد هيبة المعلم داخل المدارس فى مصر لأداء رسالته. ويضيف الطلب أحكاماً مطلقة فى حاجة إلى ضبط، مع افتراض علاقات سببية دون إثبات، بأنه خلال العقد الأخير تراجع كثيراً دور المدرسة التربوى، مع انسحاب دور الأسرة والوالدين فى حياة أبنائهم، وكانت المحصلة النهائية أننا أمام أجيال جديدة سمتها الرئيسية تردى القيم وانسحاب دور الأسرة والوالدين فى حياة أبنائهم. وأكدَّ الطلب أن وراء كل طالب منفلت أباً مهملاً، ووراء كل طالب غير منضبط ولى أمر فاشلاً، ولن تستقيم العملية التربوية والتعليمية ما لم نستعدْ دور المدرسة وهيبة المعلم!
هذا الكلام يُفتَرِض أن مدارسنا الحالية وتلاميذنا الآن لا يعرفون عقاب الضرب بالعصا، فى حين أن الأخبار المنشورة فى الصحف السيارة تؤكد أن الضرب متفش، وبما يتجاوز العصا، حتى إن الوزارة عاقبت بعض المعلمين لإصابتهم تلاميذ صغارا بعاهات مستديمة، وحدثت وفيات فى بعض الحالات! أى أن الدعوة المُستحدَثَة سيكون أثرها فقط فى تقنين الظاهرة الخطيرة! فى حين أن العكس تماماً هو المطلوب، بتهيئة الظروف النفسية للأطفال بمحاربة بيئة العنف التى يتعرض لها كثيرون منهم، فى المنزل، بين الوالدين، ومن كل منهما ضد الطفل، وبينه وبين أشقائه وجيرانه وزملائه فى المدرسة، ومن معلميه، وفى الشارع، مع محاولة السيطرة على مايصله من عنف من وسائل الإعلام والسوشيال ميديا والألعاب الإلكترونية..إلخ.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: