ما دام خبراء البيت الأبيض تدخّلوا بالفعل مباشرة كطرف داعم للرئيس بايدن، فى السجال الذى كانوا يتجنّبونه سابقاً الذى يطعن فيه خصومه ومنافسوه فى قدرته العقلية والعصبية على خوض معركة الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية، المقرر لها نوفمبر العام القادم 2024، فإن هذا التدخل ينطوى على إقرار بقوة حجج الخصوم، وعلى أن ترك الحجج دون ردّ يترتب عليه نتائج سلبية على فرص بايدن، وإلا لكان البيت الأبيض استمر فى تجاهل مثل هذه الطعون، مثلما لم يُعلِّق على وقائع أكثر قوة عندما كان الرئيس يصافح الهواء بعد انتهاء كلمته، ويخطئ فى تسمية الدول والعواصم وأصحاب المناصب الكبرى من الضيوف ومن معاونيه، وينادى فى لقاءات عامة على بعض الأشخاص الذين توفوا منذ سنوات، وغير هذا! إلا أنه فى آخر وقائعه، الأربعاء الماضى، وفى لقاء مع رعاة حملة إعادة انتخابه، كان يتحدّث عن سبب ترشحه للرئاسة الأمريكية لأول مرة، فروى حكاية ما، ثم كررها تقريباً بنفس الألفاظ بعدها بعدة دقائق! وكان اللقاء شبه مغلق لم يُسمَح بالاشتراك فيه إلا لمجموعة من مندوبى الصحف فى البيت الأبيض، ولم يُسمَح فيه بالتقاط فيديو أو بتصوير فوتوغرافى!!
تعجب الحضور من أن الحكاية طويلة نسبياً، ملخصها، وفقاً لسرد بايدن، أن نقطة التحول التى جعلته يُغيِّر موقفه من الرفض فى خوض الانتخابات إلى الحماس، أنه تابع معركة عنصرية فى أغسطس 2017 فى تشارلوتسفيل بفيرجينيا، عندما شن العنصريون تظاهرات احتجاجاً على إزالة تمثال لأحد زعماء تأييد العبودية، والمصادمات التى وقعت بينهم وبين خصومهم. وهو ما جعله يقرر خوض الانتخابات دفاعاً عن القيم الأمريكية الحديثة. ثم إذا به يعيد نفس الحكاية، بنفس الألفاظ تقريباً، بعد دقائق قليلة، مما أثار دهشة جمهوره الذين يؤيدونه. ولم يعالج دهشتهم تبرير البيت الأبيض بأن بايدن كان يتحدث من قلبه بانفعال وعاطفية.
برغم ما هو متفق عليه حول ذكاء ولباقة الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، فإنه يصعب افتراض أن دفاعها عن بايدن بحديثه من القلب جاء بمبادرة منها، ولكن المرجح أنه بتعليمات كبار طهاة الظل. مما يجعل من الوارد أن يكون هذا مؤشراً منهم لما هو أكثر جذرية حول من يرشحونه فى الانتخابات القادمة.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: