استبقت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى العام الدراسى الجديد بإعلانها إتاحة مواد تعليمية وتدريبية للمناهج لجميع الصفوف للعام ٢٠٢٣/٢٠٢٤، يمكن للطلاب تحميلها مجانًا عبر الموقع الإلكترونى للوزارة. وهذه المبادرة الحسنة من جانب الوزارة ينبغى الإشادة بها والاستزادة منها، لأنها تسهل على أبنائنا الطلبة مهمة الاستيعاب الدراسي، وتتيح قدرا كبيرا من العدالة والانتشار التعليمى على جميع المستويات. وتوجه الوزارة نحو ذلك تحتّمه اعتبارات كثيرة، أهمها ما يلي:
أولا: الاستفادة بالوسائل التعليمية الحديثة التى أصبحت متاحة بأرخص الإمكانات، والتى تمكن أبناءنا من التحصيل الدراسى بأساليب سهلة وغير نمطية، وعبر وسائل متقدمة ومواد تعليمية يشرف عليها أساتذة متخصصون، بما ينقل التعليم من الرتابة والحفظ المرهق ذى العائد المحدود، إلى عملية من التواصل والتعلم والخيال. وفى كثير من دول العالم أصبحت الوسائل الحديثة هى أدوات التعليم الأساسية، وتغلبت بها بلدان فقيرة على مشكلاتها الحادة فى نشر التعليم.
ثانيا: تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة، التى تمر بها مصر، والتى لا تمكن الكثير من الأسر من الإنفاق على الكتب الخارجية والدروس الخصوصية، بما يخفف عن كاهل أولياء الأمور ويخلق منافذ للأسر المتوسطة والفقيرة لمساواة أبنائهم بأبناء القادرين، وفى الأغلب فمن بين هؤلاء الطلاب المكافحين، المعاندين لظروف الفقر فى القرى والريف، يخرج من يحصلون على أعلى الدرجات، والمتميزون والمبدعون الذين يمثلون قدوات مجتمعية ملهمة للأجيال الجديدة من الطلبة.
ثالثا: فى ظل ثورة المعلوماتية والثورة الرقمية والذكاء الاصطناعى والحاسوب الكمى Quantum Computer، فإن دفع أبنائنا إلى التعلم عبر هذه الأدوات الرقمية وأدوات التواصل الحديثة، واستيعابها والاحتكاك بها مبكرا من شأنه أن يؤسس لطبقة وسطى إلكترونية رقمية من الطلبة والخريجين تتيح لمصر قاعدة كبرى من الأبناء الأذكياء المتخصصين فى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الذين يهضمون ثورة العصر الرقمى ويحملون على أعناقهم مستقبل مصر خلال العقود المقبلة، وهذا ما ينبغى الاستثمار فيه والتعويل عليه بصبر وتفان.
وفى الحقيقة، فقد انتبهت مصر إلى ذلك مبكرا؛ فكثفت الأدوات التقنية فى المدارس والجامعات، ثقة بأهمية حصول الجيل الحالى والمقبل من أبنائنا الصغار على نفس حظوظ أقرانهم فى العالم. لذلك مهم الترويج والاستزادة من مثل هذه المبادرات التعليمية فى عالم أصبح لا متناه فى إبداعاته وتحدياته، مع الإيمان بأنه لا سبيل لتعزيز التميز والابتكار فى مصر الجديدة إلا بإتاحة ونشر فرص التعليم والتعلم الإلكتروني، إلى جانب التواصل البشرى الذى سيبقى أساسيا ومطلوبا.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: