أجد من الواجب علىَ أولا، أن أهنئ أبناءنا الناجحين فى امتحان الثانوية العامة هذا العام، وعلى وجه الخصوص بالطبع أهنئ أبناءنا المتفوقين الأوائل فى تخصصاتهم العلمية والأدبية. غير أن هذه التهنئة يتلوها عندى...(لكن) كبيرة! لقد كنت ومازالت أضع قضية التعليم على رأس اهتماماتى وأولوياتى على الإطلاق، لسبب بدهى للغاية، هو أن التعليم يمثل بالقطع الوسيلة الأساسية لإعداد وتجهيز القوة الأساسية لمصر، فمصر ليست بلدا وفيرا فى موارده الطبيعية، فأرضه الزراعية محدودة بشريط ضيق على امتداد نهر النيل (إنها هبة النيل وفق القول الشهير لهيرودوت) وليست صناعاته وفيرة ...إلخ ولكن قوة مصر الأساسية تتمثل فى الإنسان المصرى، ليس فقط بضخامته العددية التى تفوق المائة مليون نسمة، ولكن الأهم من ذلك بخصائصه الكيفية، التى تمثل امتدادا لأصوله الحضارية المغرقة فى القدم. وبهذه الخصائص لعب المصريون دورا مهما فى تنمية وتطوير بلدان العالمين العربى والإسلامى من حولهما. إن التعليم...و التعليم المتميز والراقى، هو الوسيلة الأساسية والأهم على الإطلاق لإعداد وتجهيز المواطن المصرى. غير أن التعليم فى مصر أصيب، منذ عدة عقود، بنكسات كبيرة، جوهرها ومظهرها الواضح والمؤسف، هو انتهاء دور المدرسة الأميرية العامة تماما، لنجد أنفسنا تدريجيا إزاء وضع طبقى كارثى، يتمثل فى غالبية عظمى من الطالبات والطلبة أبناء الطبقات الفقيرة، مسجلين فى مدارس لا يتعلمون فيها أى شيء، وتدفع فيها أسرهم دم قلبها مقابل دروس فى مجموعات التقوية والسناتر!. وأقلية من الطلاب القادرين الذين يتلقون دروسا خاصة- بالمعنى الحقيقى- فى كل المواد، بدعم من أسرهم القادرة! وعليكم فقط قراءة اللقاءات الصحفية مع الأوائل، الذين لفت نظرى انتماؤهم كلهم إلى الطبقة الوسطى المتيسرة. إننى أتذكر أن أول أدبى على دفعتنا، كان ينتمى لأسرة رقيقة الحال فى المنوفية، فى وقت لم نكن نعرف الدروس الخصوصية إلا نادرا، ليصير بعد ذلك عميدا يشار له بالبنان للكلية التى التحق بها. التعليم اليوم فى بلدنا أيها السادة يحتاج إصلاحا جذريا!
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: