أنتمى إلى جيل يحمل تقديرا خاصا لروسيا، ولعلاقاتها مع مصر! كان عمرى تسع سنوات عندما وجه رئيس الوزراء الروسى ،بولجانين، فى غمار العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 إنذارا إلى بريطانيا وفرنسا، بضرب لندن وباريس بالقنابل الذرية إذا لم يوقفا الحرب فورا. وكان ذلك الإنذار دافعا إضافيا للولايات المتحدة للضغط على دول العدوان الثلاثى لإنهاء الغزو.كانت تلك أول واقعة أدرك من خلالها وجود روسيا كقوة كبرى، تناطح القوى الغربية المعادية لنا! إننى أتذكر جيدا كيف كان لذلك «الإنذار» ذا تأثير معنوى مهم لدى المصريين العاديين، الذين «حملوا الجميل» كثيرا لروسيا ،البلد الذى وقف معهم وقت الشدة ! لقد كان تأميم القناة، ردا سياسيا من عبد الناصر على سحب البنك الدولى لموافقته على تمويل بناء السد العالى، ثم كان تقدم روسيا بموافقتها على بناء السد هو الخطوة العملاقة الثانية التى يحملها جيلنا تقديرا لروسيا. كانت «الرحلة» إلى أسوان والأقصر تقليدا سنويا تنظمه وزارة التربية والتعليم لطلاب سنة تانية ثانوى، بقطار يحملنا إلى هناك فى رحلة جماعية ممتعة، وهنا أتذكر رحلتنا فى أواخر 1963 التى شهدنا فيها المهندسين والفنيين والعمال من مصر وروسيا وهم يتعاونون معا فى بناء السد. وبعد هزيمة 1967 المهينة أمام إسرائيل ، أتذكر إعادة بناء قواتنا المسلحة بالكامل اعتمادا على التسليح الروسى، وكان جيلنا هو الجيل الأول من المؤهلات العليا الذين تدربوا على السلاح الروسىالمتقدم الذى خاضوا به حرب 1973 المجيدة، وتمثل تجنيد أحدنا (المرحوم أحمد عبدالحميد شرف) فى تلقى دروس مكثفة فى اللغة الروسية، ليقوم بالترجمة للضباط الروس الذين يتولون تدريب الضباط والجنود المصريين على استعمال الأسلحة الروسية الحديثة التى استعملوها بكفاءة عالية فى الحرب و كلفوا الجيش الإسرئيلى خسائره الباهظة فيها...تلك إشارات سريعة تفسر: (لماذا انا كمواطن مصرى أتعاطف مع روسيا ) . حقا، إننى كمراقب للأحداث ألوم روسيا اعلى قرارها اجتياح أوكرانيا، الذى قدم للغرب فرصة سانحة لاستزافها، ولذلك فأنا سعيد للغاية ومتفائل للمشاركة المهمة للرئيس السيسى فى الجهود الإفريقية التى تجرى الآن فى موسكو لتسوية تلك الأزمة!
Osama
[email protected]لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب رابط دائم: