ربما كانت دولة الكويت من اكثر الدول العربية التي حظيت بشرف زيارتها لمرات عديدة وكثيرة لاتعد ،عن باقي الغالبية من الدول العربية الأخري، حيث ارتبطت تلك الزيارات بأجواء الغزو العراقي للكويت، في عام ١٩٩٠، حيث كانت بداية الانطلاقة الصحفية لشخصي في الأهرام في ذلك الوقت ،وربما قبلها بقليل حيث أصبحت المراسل الصحفي لدي وزارة الخارجية والجامعة العربية ،وكل ماتيسر من المشاركة والحضور للمؤتمرات الكبري في مصر والدول العربية ،وكذلك في الإقليم برمته وحتي علي المستوي الدولي، مادام يتوافر لها الشرطان ضرورة مشاركة وزير الخارجية المصري اولا، ومن بعده حضور الرئيس وكان مبارك رجل تلك المرحلة ،باعتبار الرجل ظل ثلاثين عاما ،كان نصيبي من المشاركة والحضور في أنشطة مؤتمرات وتجمعات الداخل والخارج طيلة تلك الفترة مايقارب عشرين عاما، ولذا عاصرت وشاركت ورافقت مايقارب من خمسة وزراء خارجية مصريين، وكانت جريمة الغزو العراقي هي الأبرز طيلة العقد الأخير من نهاية القرن العشرين ،وأتذكر اول زيارة للكويت بعد عدة ساعات من بدء حرب تحرير الكويت، ثم توالت الزيارات تباعا لحضور عودة أمير الكويت وأعضاء الحكومة ،وعودة مؤسسات الدولة الكويتية وأركانها ،بعد حرب تحرير الكويت. ثم كانت أول اجتماعات لتجمع صيغة إعلان دمشق، والذي يضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، ووزيري خارجية مصر وسوريا، والذي أنشئ في الأساس لمتابعة التحرك العربي والدولي لمواجهة الغزو العراقي للكويت وإنهائه، وعقد هذا التجمع اجتماعات عديدة في الكويت فور تحريرها ،حيث كان وزير الخارجية المصري عمرو موسي وقتها مكوكيا في الحركة والنشاط في الحضور والمشاركة في تلك الاجتماعات وغيرها ،حتي الاجتماعات الخاصة باللجنة العليا المشتركة علي مستوي رئيسي وزراء البلدين بحضور وزير الخارجية المصري، شاركت بها مرات عدة في عهد الجنزوري وعاطف عبيد ،واستمر هذا الحال بزيارات متتالية للكويت، حيث كانت ابرز وأقوي الزيارات مع انطلاق الغزو الامريكي للعراق وسقوط صدام حسين، حيث وصلت الى الكويت ضمن فريق الأمم المتحدة يوم ٢١ مارس عام ٢٠٠٣ وبقيت بها صحبة عدد قليل من صحفيين عرب من الاْردن ولبنان ،وبعد العملية العسكرية الامريكية بيوم واحد، دخلت العراق من الكويت ضمن فريق الأمم المتحدة وعدد لايتجاوز خمسة صحفيين عرب ،عن طريق الجنوب العراقي مدن العمارة وأم قصر وغيرها من مناطق الجنوب، وظللت مع القوات البرية الأمريكية والغربية عدة أيام بجنودهم وقواتهم العسكرية والياتهم ومدرعاتهم، حتي وصلت في التاسع من ابريل الي ساحة الفردوس وسط بغداد، وبعدها باقل من ساعة واحدة تم إسقاط تمثال صدام حسين، وأعلن نهاية صدام حسين ودولة حزب البعث.
واستمر الحال بزيارات متتابعة للمشاركة بفعاليات كويتية وعربية في الكويت، حتي انقطعت زياراتي للكويت بسبب انشغالات عديدة بعد أحداث ٢٥ يناير في مصر وما تبعها من احداث ثورة ٣٠ يونيو أي منذ عشر سنوات حيث توقفت الزيارات الي الكويت، إلى ان تلقيت الدعوة الجديدة من وزارة الإعلام بالكويت للحضور والمشاركة في التغطية والمتابعة لجولة الانتخابات البرلمانية (مجلس الأمة) والتي تنطلق اليوم وسط صخب سياسي وانتخابي وجماهيري بالغ الاهتمام ،خاصة انها الانتخابات البرلمانية الثانية التي تجري في أقل من عام، بعد حل البرلمان الكويتي الأخير، وكذلك الذي قبله الذي عاد بحكم تاريخي من المحكمة الدستورية، وتم الحل بقرار ومرسوم أميري في المرتين، حيث يعتبر مجلس الأمة الكويتي الأكثر حيوية وديناميكية ونقاشا وصخبا لأكثر من ٦٠ عاما منذ إنشائه عام ١٩٦٣، حيث التركيبة السياسية بداخله تحمل صور التنوع والتعدد في اجلي صوره، لجميع ألوان الطيف السياسي بالكويت.
ربما المتأمل والمتابع لخريطة هذه الجولة من الانتخابات الكويتية والتي تنطلق اليوم، هو انها تحمل عنوانين الأول يتعلق بالثأرية بين المرشحين، خاصة الجيلين الذي يمثل احدهم ما الجيل القديم العائد بقوة ويمثله فريق أحمد السعدون ورفاق القدم، والذي يطمح في استعادة منصب وقيادة رئاسة مجلس الأمة هذا والأكثرية فيه، في مواجهة الجيل الجديد الذي يمثله مرزوق الغانم الذي تولي العضوية والرئاسة لمجلس الأمة اربع دورات متتالية وصار نجما عربيا في فضاء المواجهة والصوت الاقوي في وجه اسرائيل وفضح وكشف ممارساتها في كل إطلالة ومشاركة من جانبه، أو ممثلا لبرلمان الكويت أو البرلمان العربي في اللقاءات والاجتماعات الإقليمية والدولية، حيث لاينسي كل من تابعوه في السنوات الست الماضية ،جرأته وأطروحاته وإصراره علي طرد المندوب الاسرائيلي من عديد الاجتماعات الدولية، ويبقي العنوان الثاني ويتعلق بتراجع أعداد المترشحين هذه المرة، حيث يبلغ المرشحون من الرجال ٢٣٩، ومن النساء وهو العدد الأقل منذ سنوات طويلة حيث تبلغ أعدادهن ١٥ سيدة ،احتجن مجهودات مضاعفة لإقناع الناخب الكويتي من الرجال قبل النساء بأصواتهم وانتخابهم ،وسط هذه الغابة الكثيفة التي تغطيها أسماء المرشحين الرجال، خاصة ان من بينهم أصحاب خبرات بارعة في السباقات الانتخابية وغالبيتهم من الوجوه القديمة.
ويظل أفضل ماتشهده الانتخابات في كل دورة منذ انطلاق مجلس الأمة في بداية الستينيات حالة الشفافية وأجواء المسار الديمقراطي التي توفرها الحكومة الكويتية لأجواء كل هذه الانتخابات، حيث لا تتدخل من قريب او بعيد ،وتوفر كل الاستحقاقات لانتخابات ناجحة ديمقراطية شفافة ،لتستحق الكويت عن جدارة واستحقاق ،بلد الانتخابات الديمقراطية ،حيث التاريخ له شواهد كثيرة هنا بفضل تلك التجربة الكويتية الفريدة والاستثنائية ومصدر الفخر والإعزاز لكل العرب في مواجهة حملات التشويه الغربية غير البريئة والمضللة.
لمزيد من مقالات ◀ أشرف العشرى رابط دائم: