رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الناتو العربى .. ضرورة حتمية وأولوية عاجلة

عندما ضرب الزلزال اللعين الأراضى السورية والتركية فى فبراير الماضي، سارعت بالاتصال بالأمين العام للجامعة العربية السيد احمد أبو الغيط أسأله ماذا ستفعل الجامعة العربية لمساعدة الإخوة السوريين فى هذا المصاب القاسى وغضب الطبيعة القاتل وضربات القدر الهادر . يومها أجاب الرجل بلغة الحزين المكلوم بسقوط ضحايا وتشرد أشقاء فى قطر عربى تتكالب عليه النكبات لأكثر من ١٢ عاما بضربات قاتلة من صنع فريق من البشر هناك سقطوا فى وهم قبضة الربيع العربى المخادع ،ومن ثم أتى ليكمل هذا الزلزال الغاضب ليضرب كل فوالق هذا البلد بحظه العثر وعاد بصوت متهدج بنبرة الصارخ لاعنا العجز الذى فرض على الجامعة وإمكانياتها والذى يبكى نياط القلب، وأكمل ومع ذلك لم نقف مكتوفى الأيدى، بل سارعنا بالتواصل والتحرك بالتنسيق لدى الغالبية من العواصم العربية القادرة لنجدة الأشقاء فى سوريا بعيدا عن خلافات السياسة ومقاطعة سوريا وسنينها الطويلة، نطلب ونحث ونتعاون فى خطط إرسال المساعدات والإغاثات العاجلة.

عدت لأسال الرجل وكيف ستتعامل الجامعة لو قدر الله عملية مماثلة فى بلد عربى آخر ،ووقوع ضحايا بأعداد مماثلة وربما اكبر لو كان حظ هذا البلد أكثر كارثية بفعل غضبات هذا الضيف اللعين وضرباته الجنونية ،وقبل ان يجيب فاجأته بالتساؤل الذى يجتر المرارة من الحال الذى وصلنا فيه فى العالم العربى من عدم وجود استراتيجيات ديناميكية متحركة متطورة للتعامل مع مثل هذه المآسي، واستفسرت بالسؤال لماذا لاتعين او تنصب الجامعة أمينا عاما مساعدا ومفوضا عربى وإدارة للشئون الانسانية فى العالم العربي، فكانت إجابة الأمين العام الصادمة بالقول: هذا طرح جيد وطلب مشروع وجوهري. وعاد يسألنى من أين كل هذه الأموال لعمل وتعيين هذا المفوض الإنسانى العربى على غرار الاممى والاوروبى ومهام ادارته فى حال تعيين أفرادها واختصاصييها ،ناهيك عن الرواتب والأجور وتوفير الأجهزة والأدوات اللوجستية لعمل هذه الإدارة لتغطى العمل فى ٢٢ بلدا عربيا، وأضاف: نصف الدول العربية لا تسدد ميزانيتها السنوية للجامعة وهذا الامر ليس هذا العام فقط بل طيلة أعوام سابقة ،ونحن كنّا ومازلنا فى هذه المأساة والعجز المالى من سنوات طويلة.

تذكرت أقوال الأمين العام للجامعة وانا أتابع فيض الفصول المأساوية للازمة السودانية المحتدمة حاليا، وتساءلت لماذا تأخر العرب والجامعة العربية كل هذا الوقت من اجل انشاء قوات دعم عربية، على غرار الناتو الغربى ، ولماذا تراجع العرب كل هذه السنوات فى انشاء الناتو العربى فقط وليس الناتو الإقليمي، كما طالب به مؤخرا نفر من دول الإقليم مثل اسرائيل ، وقوبل طلبها بالرفض والاستنكار. ونعود للناتو العربى ولماذا هذا التباعد فى المواقف العربية منذ زمن لإنشاء هذا الناتو كل هذه السنوات ،ومقارنة سريعة بين وجود هذا الناتو العربى لو كان قائما الآن، وتطورت الاوضاع فى السودان ، كان يمكن عندئذ الاستفادة من عمل وقوات هذا الناتو ،لإرسال فريق كفء منعا للانزلاق السريع وللفصل بين الطرفين المتحاربين فى السودان، ناهيك عن عملها ومهامها فى فرض ممرات أمنية وإنسانية عاجلة لإنقاذ الملايين فى السودان من تلك الحرب الملعونة والإسراع بتقديم الخدمات والإغاثات العاجلة انسانيا وأمنيا وصحيا وعلاجيا ومعيشيا لكل هؤلاء المروعين هناك، وغيرها من مناطق النزاعات العربية وهى كثر فى السنوات العشر الاخيرة ،وأقرب النماذج الصارخة الاوضاع فى سوريا وليبيا واليمن ، وبالتالى ما كنّا وصلنا الى هذه الاوضاع الكارثية فى هذه البلدان وغيرها من مناطق العرب الهشة التى تعيش على فوالق النزاعات والتمزقات السياسية والأمنية والعسكرية ،وماكنا وصلنا الى كل هذه القواعد العسكرية الامريكية والروسية فى سوريا وليبيا واليمن فى صنعاء حيث الحوثيون.

وبالرغم من كل هذا التقدم والتطور الملحوظ حاليا فى ميادين النجاح العربى الاقتصادى والامنى والعسكرى فرادى بين دوله ،الا انه لايتوافر هذا النجاح مع العمل العربى الجماعى عبر جامعتهم الأثيرة، حيث مايحزن النفس ان نفس هؤلاء العرب وجامعتهم قد نجحوا بتفوق وبراعة منذ ٤٧ عاما ،عند اندلاع الأزمة والحرب الأهلية فى لبنان ذلك الوقت ،عندما قررت دول الجامعة العربية مجتمعة ،وفى تحرك لافت استباقى عام ١٩٧٥ بإرسال قوات الردع العربية للفصل بين القوات المتحاربة فى لبنان فى ذلك الوقت وفرض إجراءات أمنية وممرات إنسانية ملزمة لسنوات، لعبت دورا لابأس فى إنقاذ ربع اللبنانيين من الموت المحقق على يد أشقائهم اللبنانيين فى ذلك الوقت.

وبالرغم من كل هذا التعثر والخلل والتباعد بالمواقف العربية بشأن إنشاء وتدشين هذا الناتو العربى كل هذه السنوات المهدرة، إلا أن الفرص مازالت قائمة، بل ان التحولات والتبديلات الحالية فى الإقليم تحتاج من أصوات العقل والحكمة للتفكير مليا فى انشاء هذا الناتو ،الذى أصبح ضرورة حتمية وأولوية عاجلة عسكرية وأمنية وبشرية انسانيا عربيا. ولتكن القمة العربية القادمة فى الرياض بداية الإعداد والتفكير وتدارس الاستراتيجيات العربية لتكوين وتمرير هذا الناتو العربي، حيث أظن ان الأمين العام ابو الغيط حاضر وجامعته جاهزة شرط تحديد الاتفاق على الفرق العسكرية لهذا الناتو وحصص دوله به ، وكذلك الالتزام بتوفير الأموال والحصص المالية للجامعة لإنشاء وتدشين هذا الحلم وآليات عمل وخطط هذا الناتو العربى ومكان تمركزه وخطط انتشاره فى مناطق الأخطار العربية ، فهل نحن كعرب جاهزون لهذه المهمة وتجاوز سنوات كل هذا التراجع..؟!.


لمزيد من مقالات أشرف العشرى

رابط دائم: