رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مصر اليوم فى عيد

بطول خمسة كيلومترات، أو أكثر، أقام أهلنا فى شمال سيناء، الثلاثاء الماضى، على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، أضخم إفطار جماعى فى المنطقة، وربما فى العالم، و«الأمان ضُلّيلة فوقنا.. وكل إيد فى إيد»، محققين بذلك الحلم، الأمنية أو الأغنية، التى تحل ذكراها الحادية والأربعون، الثلاثاء المقبل، والتى طالبت فيها شادية والشاعر عبدالوهاب محمد، والملحن جمال سلامة، أهلنا فى البحيرة وآخر الصعيد، وفى العريش الحرة وبورسعيد، بأن يشاركوهم، جمعهم السعيد، لأن «سينا رجعت كاملة لينا.. ومصر اليوم فى عيد».

صباح 25 أبريل 1982، رفع الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك علم مصر على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبها، وتم إعلان هذا اليوم عيدًا لتحرير سيناء، التى تحرّرت كلها، باستثناء «طابا»، التى افتعل الإسرائيليون أزمة بشأنها، وخضنا لاستردادها معركة دبلوماسية وقانونية استمرت سبع سنوات. غير أن «سينا رجعت كاملة لينا» بقيود الحدود الآمنة، وبالتزامات سياسية خانقة، وليس باتساع الحدود الجغرافية والسيادية، بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التى تم التصديق على وثائقها، فى 25 أبريل 1979، فرضت ترتيبات أمنية صارمة تضمنها «الملحق الأول»، الذى تناولت مادته الثانية ترتيبات الأمن فى شبه الجزيرة بتقسيمها إلى ثلاث مناطق تمت تسميتها بالأحرف الأبجدية العربية، ومثيلاتها العبرية والإنجليزية، يتدرج فيها حجم الوجود العسكرى المصرى من غرب قناة السويس، حتى الحدود مع إسرائيل، أو حتى المنطقة الثالثة، المنطقة «ج»، أو منطقة الفراغ العسكرى، التى لم يكن مسموحًا لمصر أن تنشر فيها قوات عسكرية، مع أنها تضم ربع مساحة سيناء تقريبًا، وكامل خط الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة.

النظر إلى توازن القوى وليس إلى توازن المصالح، أعاد إلينا شبه جزيرة سيناء منزوعة أو مكتوفة السلاح. وجعلها، نقطة ضعف أساسية، أو ثغرة، فى جدار أمننا القومي. وبالتدريج، صارت ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية والخارجين على القانون، وقاعدة انطلاق للأعمال التخريبية فى الوادى والدلتا. وظل الوضع يتدهور حتى وجدنا أنفسنا، أمام ما لم نكن نبالغ حين سميناه، فى مقال سابق، «منتخب العالم فى الإرهاب»، والذى لم نتمكن من التعامل معه إلا بعد أن استعادت مصر عافيتها السياسية والعسكرية، وتمكنت من نشر نوعيات متطورة من الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية، فى المنطقتين «ب» و«ج» لتعزيز قدرات الجيش والشرطة على سحق الإرهاب. وبالفعل، تمركزت 41 كتيبة تضم أكثر من 25 ألف جندى، لتنفيذ الخطة الشاملة «سيناء 2018»، التى كان لها 4 أهداف: إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية.. ضمان تطهير المناطق من البؤر الإرهابية.. تحصين المجتمع المصرى من شرور الإرهاب والتطرف.. ومواجهة الجرائم الأخرى ذات التأثير.

كان مخطط أهل الشر، كما شرحه الرئيس عبد الفتاح السيسى، سنة 2014، هو تحويل سيناء إلى كتلة من الإرهاب والتطرف، لا يستطيع أحد أن يتخلص منها. وفى المقابل، كان أمامنا خياران: الأسهل، هو مواجهة الإرهاب، وعقب الانتهاء منه يبدأ النظر لعملية التنمية، أما الخيار الأصعب والأكثر تعقيدًا، والذى تبنته القيادة السياسية، فهو أن تبدأ، بالتوازى مع القضاء على الارهاب، عملية تنمية حقيقية لم تشهدها سيناء طوال تاريخها.

هكذا، تكاملت الخطوات أو القفزات التنموية، مع مواجهة الإرهاب، إلى أن صار بإمكاننا أن نقول «سينا رجعت كاملة لينا.. ومصر اليوم فى عيد»، فعليًا وواقعيًا، وليس غناءً أو مجازًا، ولأن «مصر علشان تقوى بينا.. لازم الإنتاج يزيد»، تم إنفاق أكثر من 600 مليار جنيه، لا تشمل ما يشهده إقليم قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة، على التنمية العمرانية المتكاملة، والبنية الأساسية، تحسين مستوى الخدمات، وصولًا إلى التنمية الاقتصادية و«مشروع تنمية وتطوير 109 آلاف فدان» الذى يستهدف تعظيم الاستفادة من مقوماتها الزراعية، وتحولت سيناء إلى منطقة جذب وصار بابها مفتوحًا أمام المستثمرين، الذين بات بإمكانهم، وبإمكانك أنت أيضًا، الانتقال من غرب القناة إلى شرقها، فى دقائق معدودة، عبر 20 نقطة عبور، و6 أنفاق عملاقة، و5 كبارى عائمة. وإلى جانب المشروعات، التى جرى ويجرى تنفيذها، تقوم الرؤية المستقبلية لتنمية سيناء، على تعظيم الاستفادة من ثرواتها التعدينية، والتركيز على تطوير ورفع كفاءة العمران القائم، عبر تنفيذ مشروعات تطوير مدنها، لكى تتمتع بكل الخدمات المتاحة لباقى مدن وعواصم محافظات الجمهورية، إضافة إلى الربط الكامل بين غرب قناة السويس وشرقها، وإقليم القناة، وباقى مدن مصر، بمجموعة من المحاور، تربط أقصى شرق الجمهورية بأقصى غربها، أصبحت بمثابة روابط أو شرايين لعملية التنمية.

..أخيرًا، وبانتهاء عملية «سيناء 2018» وتحقيق أهدافها، ومع جهود دولة 30 يونيو، السابقة والحالية والمستمرة، لتنمية أرض الفيروز، بات منطقيًا أن نطالب، مع شادية وعبدالوهاب محمد، والملحن جمال سلامة، أهلنا فى طول مصر وعرضها، أن يشاركونا، اليوم، والثلاثاء المقبل، جمعنا السعيد، وأن يحتفلوا بعيد الفطر، وعيد تحرير سيناء، آمنين، مطمئنين، واضعين نصب أعينهم، وفى سويداء قلوبهم، أننا كما اجتزنا كل الفترات والأزمات الحالكة، عسكريًا وأمنيًا وسياسيُا، سنجتاز، بالإرادة نفسها، الأزمة الاقتصادية الحالية.


لمزيد من مقالات ماجـد حـبـتـه

رابط دائم: