رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمة عابرة
عيون العالم على فرنسا

تُواجه الديمقراطية الغربية اضطرابات تطفو أعراضها على السطح، وتطرح شكوكا حول إمكان استمرار أهم الأركان التى قام عليها نظامهم الديمقراطى، بأن حسم الخلافات يكون بالطرق السلمية، بالتوافق أو بالتصويت، وأن الخاسر يهنئ الفائز، بدءاً من خسائر المحليات والبرلمان وحتى أعلى المناصب. إلا أن ما يدور هذه الأيام، وخذ فرنسا نموذجاً، يؤكد أن هناك مستجدات تشكك فى بقاء هذه القواعد بنفس الرسوخ الذى بدت عليه طوال العقود السابقة، وهو ما بدأ الخروج عليه فى تظاهرات الاحتجاج ضد موجة ارتفاعات الأسعار التى تضررت منها الأغلبية الساحقة من الفرنسيين، ومرت بعدة أزمات أخرى، إلا أن الأهم والأخطر جاء مع التعديلات التى طرحها الرئيس ماكرون حول مشروع قانون التقاعد، بمد الخدمة حتى سن الـ64، بدلاً من 62، وبشرط أن تكون مدة الخدمة 43 عاماً، وليس 42، للحصول على معاش كامل. وبرغم أن الحكومات المتعاقبة طوال نحو 40 عاماً لم تتوقف عن محاولة إجراء تعديلات شبيهة، إلا أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة دفعت الحكومة إلى التعجيل بحسمه حتى تتمكن، كما يقول المسئولون، من الوفاء بالتزاماتها تجاه من بلغوا سن الشيخوخة، وهى شريحة زادت فى السنوات الأخيرة مع التقدم فى الرعاية الصحية. ثم، وبرغم أن التعديل مرَّ فى مجلس الشيوخ، وبقى أن يحصل على موافقة الجمعية الوطنية، إلا أن الرئيس ماكرون استخدم حقه الدستورى وصَدَّق على التعديلات دون أن تمر بمرحلة الجمعية الوطنية، وهو ما أغضب الكثيرين، وتصاعدت التظاهرات، وأعلن نقابيون كبار أن طريقة ماكرون تنكر الديمقراطية، كما أنها تعطى المتظاهرين دفعة قوية، لأن الوعى العام الفرنسى يعتبر المادة التى اعتمد عليها ماكرون مرادفة للاستبداد وبأن الحكومة لا تصغى إلى الشعب.

الموقف يزداد حرجاً وتوتراً، لأن كل طرف فى الاستقطاب لا يملك أغلبية واضحة، وكل منهما متمسك بموقفه، وأعراض الخلاف تتجلى فى تصادمات شديدة بين المتظاهرين والشرطة، ورصدت الكاميرات أعمال عنف غير مسبوقة من المتظاهرين فى جميع أرجاء البلاد، بإشعالهم آلاف الحرائق وإحداث أضرار ببعض المبانى، كما أن الشرطة تواجههم بقوة وتطلق لتفريقهم الغازات الكثيفة.

السؤال: هل كل هذا مجرد إشارات لخلافات جزئية وقتية، أم أنها نُذُرٌ لما هو أعمق وأبقى؟

[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب

رابط دائم: