هوامش حرة
عالم جديد

لا أبالغ إذا قلت إن الاتفاق السعودى الإيرانى سوف يغير أوضاعا كثيرة وحسابات جديدة ليس فى الشرق الوسط ودول الخليج ولكن فى مجرى الأحداث العالمية ويضع خريطة جديدة للمصالح ومناطق النفوذ والقوى الصاعدة.. إن هذا الاتفاق جاء على حساب الدور الأمريكى فى دول الخليج بكل ما تتمتع به من الإمكانيات ولابد أن نعترف أن أمريكا قد فرطت فى الكثير من مصالحها ليس فقط فى دول الخليج ولكن فى العالم العربى كله .. على جانب آخر فإن الاتفاق السعودى لابد أن يغير حسابات أمريكا تجاه إيران خاصة أنها جعلت من إيران عدوا دائما للعرب وأبعدت تماما قضية الشعب الفلسطينى وحقه فى استرداد أرضه.. ولا شك أن إسرائيل تعيد الآن حساباتها فى دول الخليج . وجاء الاتفاق السعودى الإيرانى ليضع خريطة جديدة ويعيد إسرائيل إلى ما كانت عليه خاصة أن احتمالات ضربة عسكرية لإيران أصبح أمرا صعبا إذا لم يكن مستحيلا الآن.. وهنا على إسرائيل أن تعود إلى مواقعها القديمة وتنسى أحلام التوسع وكانت على حساب قضية العرب الأولي.. نحن الآن أمام عالم عربى جديد سوف يعيد كل حساباته أمام واقع جديد.. إن روسيا غيرت خريطة العالم فى أوكرانيا ولن يعود عالم القوة الواحدة، والصين الآن لن تكتفى بقوتها الاقتصادية الصاعدة ولكن أحلام النفوذ السياسى تداعب القرار الصيني، وإيران لن تستسلم للعقوبات ومعها روسيا والصين والمملكة العربية السعودية وعلاقات راسخة مع الإمارات وعمان والبحرين، كل هذه الأسباب تجعل من الاتفاق السعودى الإيرانى حدثا تاريخيا سوف يترك آثاره على مستقبل العلاقات الدولية.. وإذا أضفنا لذلك أن الاتفاق سوف يغير الحسابات فى العراق وسوريا ولبنان واليمن، هذه الكتلة العربية الضخمة التى أخرجتها الأحداث من دورها ومسئوليتها فترة طويلة من الزمن سوف تسترد دورها وتستعيد نفوذها وربما عاد العالم العربى أكثر توحدا وقوة.. إن وضع نهاية للصراع بين إيران ودول الخليج خاصة السعودية يمكن أن يكون بداية مرحلة من الاستقرار تستعيد فيه هذه المنطقة من العالم دورها كقوة اقتصادية وسياسية لا يمكن الاستغناء عنها..