رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

عن بورسعيد .. والحدث الثقافى الرائع

ما بين ما يسعد ويؤلم عشت بعض ما حدث خلال الأيام الماضية ابتداء بشهادة امتداد التراث الحضارى والثقافى من الأجداد الى الأجيال الشابة التى كنت دائما من المؤمنين بوعيهم وخلاصهم من أدران ما أصاب اللحظة الإنسانية من تراجعات وأمراض اجتماعية وأخلاقية وفى القيم والمبادئ أكد هذه الشهادة الحدث الثقافى العظيم فى هذا الإقبال المليونى على معرض الكتاب من جميع الأعمار يتقدمهم الشباب والأطفال، لقد أعاد إلىَّ هذا الإقبال ثقتى فى أن عطر الورق المطبوع لن تستطيع أن تقضى عليه التقنيات الحديثة وأنه لن يندثر مع رحيل أجيالنا. لقد حالت ظروفى الصحية بين أن أستطيع أن أشارك وأستمتع بالعرس الثقافى ولكن ما تابعته من أحداثه وشاهدته من مشاهد الإقبال والفرحة أكد لى إيمانى بأن عروق الحضارة والثقافة ممتدة وغلابة وأسفت على بعض من لا يفهمون ما يفعله التراكم الحضارى والثقافى بالشخصية المصرية من اعتزاز وأصالة يتصورونها نرجسية ولا يدركون ما تتمتع به أيضا من تواضع وبساطة ودماثة… مشاهد الطوابير التى لا نهاية لها وتنوع المستويات الاجتماعية التى وحد بينها الثقافة وحب القراءة وبالغ التوفيق فى اختيار المبدع المدهش وواحد من أكبر عشاق مصر الشاعر صلاح جاهين كشخصية العام 54 لمعرض الكتاب والمبدع الكبير كامل الكيلانى كشخصية معرض كتاب الطفل، والاثنان مما لا يُعد ولا يُحصى من المبدعين الذين أنجبتهم مصر منذ فجر الإنسانية وميلادها للتاريخ وصناعة وتشكيل وتعليم أمتها كلها.. ولا أنسى تحية واجبة لصحيفة الوطن وعددها المتفرد عن معرض الكتاب 2 فبراير الحالى وزينته برباعيات صلاح جاهين وما كتبته يسرا الشرقاوى عن كامل الكيلانى فى «الأهرام» 3 فبراير الحالى وأحيى وزيرة الثقافة نيفين الكيلانى عن إعلان تزويد مكتبات المدارس بمطبوعات الوزارة.. لقد كنت واحدة ممن تكونت جذورهم الثقافية بعد المكتبات التى كانت لا تخلو منها بيوتنا من القراءة فى مكتبة المدرسة وفى المسابقات التى تجرى بين أوائل المدارس وليت وزارتا الثقافة والتعليم تستثمران هذا النجاح الرائع لمعرض الكتاب فى مسابقات للقراءة بين طلبة وطالبات المدارس والجامعات وأن يكافأ المتفوقون بجوائز عالية القيمة الأدبية والمادية.

◙ ومن انتصارنا الثقافى وشهادة نجاح معرض الكتاب عن قوة جذور ثقافتنا الناعمة الى انتصاراتنا الوطنية التى لا تكاد أغلب محافظاتنا تخلو من ذكرى منها وتستدعى أن يكون فى كل محافظة متحف قومى لها، ومدينتى بورسعيد تضعها مقاومتها عدوان 1956 فى مقدمة محافظات مصر التى تضم تاريخا وذكريات للمقاومة والانتصار والتى فرضت هذه المقاومة الباسلة إقامة متحف قومى فى موقع دارت فيه معركة من أعظم معارك المقاومة ودفن فيه المئات ممن استشهدوا فيها والذى للأسف لا يعرف الكثيرون قيمة كل حفنة من هذا التراب الطاهر، وتنضم مقاومة 1956 إلى تاريخ وطنى عميق وبعيد ومن قبل حفر قناة السويس التى شهد حفرها ملحمة استشهد فيها أكثر من 120 ألفا من المصريين فى عملية سخرة وصفت بأنها من أسوأ وأقسى عمليات السخرة فى التاريخ أدارها المدعو ديليسبس الذى لم يكن مهندسا واستغل نفوذه على الخديو سعيد وخداعه له ليسهل شراء أسهم مصر فى قناتها وإعلان إفلاسها وتمليك القناة لشركة منتفعين بعقد يمتد 99 عاما وأرادوا قبل انتهائه تحويله الى عقد ملكية أبدية للشركة التى حولوها الى دولة داخل الدولة!وليحرموا أبناءها من خيرها الذى تحقق بتأميم الرئيس عبدالناصر لها عندما أعلن أن التأميم يهدم صرحا من أسوأ صروح الاحتلال واستغلال وإذلال المصريين وللأسف يغيب كثير من الحقائق الموثقة والدافعة عمن يجهلون التاريخ, ففكرة حفر القناة التى تعود الى أيام أجدادنا القدماء أراد الأفاق ديليسبس أن ينفذها خدمة لمصالح بلاده وصراعها على المستعمرات الشرقية مع الانجليز وخدع عرابى وأقنعه بعدم قدرة الإنجليز على استخدامها لاحتلال مصر وهو ما فعلوه كما فى كتب التاريخ التى يدرسها أبناؤنا فهل يقبل وطنى واحد من أبناء بورسعيد بإعادة وصمة العار التى يمثلها إعادة وضع تمثاله على مدخل قناتنا والتى حسمها القرار الوطنى للقيادة بوضع التمثال فى متحف يضم جميع ملفات ووثائق ملحمة حفر المصريين قناتهم وأثق أن نائب بورسعيد وابنها حسن عمار الذى طالب بإعادة التمثال المهين من أول من لا يقبلون وأتفق معه تماما فى الحفاظ على المتحف القومى الذى يسجل هذا التاريخ ويحفظه فى وعى ووجدان جميع أجيالنا القادمة. وما أعرفه أن هذا المتحف كان من أهم معالم مدينتى وكانت تأتى لزيارته رحلات الجامعات والمدارس.. والأرض التى أقيم عليها المتحف استشهد فيها المئات من أبناء بورسعيد ودفنوا فيها قبل أن يتم نقل ما عثر عليه من رفات إلى مقابر الشهداء ومن أجل هذا اختيرت الأرض المخضبة بالدماء الشهيدة والذكية موقعا يخٌلد ذكرى مقاومتهم وانتصارهم ولا أصدق أن من تجرى فى عروقه دماء كرامة واعتزاز وطنى من قيادات أو مواطنين يرضى أن يٌهدم المتحف استجابة لأموال مستثمر يريد أن يرفع مكانه برجا سكنيا فاخرا! فالتاريخ والمقاومة والانتصار ودماء الشهداء لا تباع بذهب الدنيا. وليبنى المستثمر برجه الفاخر فى موقع آخر وليتوقف تشييد الأبراج والبنايات التى تواصل فصل البحر عن المدينة... سلام على أبنائها من سلالة المقاومين الشرفاء وصناع نصرها والذين لا يقبلون أن يوضع على مدخل قناتها تمثال أفاق مات فى بلاده محكوما عليه وعلى ابنه بالسجن فى جرائم فساد فى قناة بنما!.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: