يطلق عليهم (أسود) الأطلسى،لكن انتصاراتهم وما عبروا عنه من إرادة قوية وشدة بأس يستحق أن يطرح للدراسة والتفهم والتمعن خارج غابتهم (الأطلسية)، ليشمل منطقتهم العربية بالكامل من المحيط إلى الخليج.
وضع المنتخب المغربى فى المونديال خاتم التميز على البطولة كونها عربية حتى النخاع. صحيح أن (الأسود) حطموا ثوابت كرة القدم التى استوطن الكبار قمتها منذ عقود، وأجبروا (الفيفا) على الاعتراف بأنه (لم يعد هناك صغار فى كرة القدم)، لكن الأداء الأسطورى لأبناء الدار البيضاء والرباط وطنجة ومكناس ومراكش وغيرها من مدنهم الحبيبة تجاوز فى تأثيره حدود اللعبة الجماهيرية ليقدموا لأمتهم معروفا لن ينسى، بتصحيح الصورة الذهنية للعرب وإبراز الجانب الحضارى والإنسانى فيها، وتناغمت الانتصارات المغربية مع عظمة التنظيم القطرى للمونديال فى بعث قضية فلسطين للحياة على المحفل الدولى. فباعتراف الإعلام الغربى كان منتخب فلسطين هو الحاضر الغائب بالمونديال، فلم تخل مباراة أو فاعلية خارج الاستادات من رفع أعلام فلسطين أو ارتداء بعض الجماهير العربية والغربية للكوفية الفلسطينية فى زخم ربما تتراجع أمامه تأثيرا مخرجات قمم عربية !
قدم المونديال الهوية العربية بشكل ناعم، وكان الرد جاهزا ومتفوقا على محاولة الإعلام الغربى (غير المهنية) فرض صراع حضارى (زائف) يأخذ المونديال إلى مناطق ملغومة، فأعلنت الدولة المستضيفة عبر إجراءات حضارية تمسكها بهويتها الإسلامية ورفض إتاحة الخمور حول الاستادات أو ارتداء الجماهير لشارات المثليين. ويبقى الدرس المغربى الذى سنتابع الليلة أحدث فصوله فى الدور قبل النهائى للمونديال، درسا غاليا سيكون من الحماقة إضاعة فرص فهمه واستيعابه إن أردنا تحريك المياه الراكدة التى سدت منافذ الحراك والتفوق فى الجسد العربى،فقد فتح أسود الأطلسى طاقة نور تنير ظلمات مسارات ربما ضلت بنا عن تحقيق الأهداف رغم حسن النوايا فى بعض الأحيان.
لماذا لا نبدأ التصحيح بمنظومة الرياضة التى دفعت بنا إدارتها أحيانا بغير احترافية إلى مقاعد المتفرجين رغم استحقاقنا منصات التتويج، لنفتح الطريق على مصراعيه للشباب المستنير المتحمس، وعلينا أن نتخلص من محاباة الأندية الكبرى وفرض العدل على الجميع بالملاعب، فقد آن الأوان أن نتعلم من الأسود!.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: