-
علاء ثابت: أحد البنائين العظام فى الأهرام.. وبصماته على الصحافة المصرية لا تنسى
-
عمرو موسى: شخصية استثنائية وراعى التحديث فى الخارجية المصرية
-
ممدوح عباس: نموذج للأكاديمى المتميز والدبلوماسى الناجح والسياسى المستنير
-
محمد سلماوى: حاول تطوير الأمم المتحدة.. وموقفه من مذبحة «قانا» يدعو للفخر
-
مصطفى الفقى: تميز بالواقعية.. وحياده الأكاديمى منحه قيمة كبيرة
-
نبيل عبد الفتاح: دراسته للقانون الدولى جعلته يعرف كيف يتعامل مع موازين القوة
-
جمال عبد الجواد: أول من أسس صحافة متخصصة حقيقية فى مصر
-
منير فخرى عبد النور: أول من دعا لـ «دمقرطة» العلاقات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى
-
أحمد الجمال: نشر مذكراته ضرورة حتى تستفيد منها الأجيال القادمة
-
رءوف سعد: أول من تنبأ بحروب المياه فى القرن الجديد
-
طارق الخولى : إنجازاته كبيرة .. والأجيال الجديدة تفتقد «القدوة
ثمن سياسيون ومثقفون ودبلوماسيون مصريون، المسيرة الحافلة بالعطاء التى قدمها الدكتور بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، على مدار حياته التى قاربت على مائة عام، مشيرين إلى أنه يمثل بهذا التاريخ العريق، أيقونة سياسية ودبلوماسية وصحفية، تعكس ملامح شخصية مصرية فذة، تتحلى بالذكاء والتواضع، خفة الظل.
وشاركت نخبة من ألمع رجال الفكر والسياسة والدبلوماسية والاعلام فى مصر، فى احتفالية نظمتها مؤسسة الأهرام بالتنسيق مع مؤسسة «كيميت بطرس غالى للسلام والمعرفة»، بمناسبة مرور مائة عام على ميلاد الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، وأحد أقطاب ومعلمى الدبلوماسية، والصحافة المصرية، مثمنين أدواره ومواقفه التاريخية، التى تميزت بالموضوعية والنزاهة، والتزامه بالقانون الدولي، وهى المواقف التى دفع ثمنها غاليا، ممثلا فى منصبه كأمين عام للأمم المتحدة.
وفى كلمته فى بداية الاحتفالية، وصف الكاتب الصحفى علاء ثابت، رئيس تحرير «الأهرام» الدكتور بطرس بطرس غالي، بأنه شخصية مصرية عظيمة تدعو للفخر، مشيرا الى دوره البارز فى المجال الصحفي، باعتباره واحدا من أهم الشخصيات التى أثرت فى تاريخ «الأهرام»، وقال ثابت إن الدكتور بطرس بطرس غالي، كان واحدا من «البنائين» الحقيقيين لمؤسسة الأهرام، إذ أسس مجلتى «السياسة الدولية» و«الأهرام الاقتصادي»، الذى تولى رئاسة تحريره لمدة قاربت 15 عاما، وترك خلفه بصمات لا تعد ولا تحصي، وأضاف ثابت : أذكر هنا أن الكاتب الكبير الراحل، سلامة أحمد سلامة، وصف الدكتور بطرس بطرس غالى عندما تم انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة، بأنه يملك صفات يصعب توافرها معا فى أى شخصية.

علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام أثناء القاء كلمته
وقال ثابت إن الدكتور بطرس بطرس غالي، حقق إنجازا صعبا بتوليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وهو موقع دولى يشترط فيمن يشغل هذا المنصب، أن يحظى بتوافق دولى فى الأمم المتحدة، الى جانب موافقة الدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن، وهو أمر فى غاية الصعوبة.
وقال ممدوح عباس رئيس مجلس أمناء مؤسسة «كيميت بطرس غالي»، إن الدكتور بطرس بطرس غالي، ظل طوال حياته يمثل النموذج للأكاديمى المتميز، والدبلوماسي
الناجح على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والسياسى الوطنى المستنير، وهو ما تجلى طوال مسيرة حياته الممتدة، والتى ظلت مثمرة فى كثير من المجالات، والتى تتجلى فى العديد من المؤلفات المنشورة فى مصر وخارجها، سواء فى مجالات القانون الدولي، أو العلاقات الدولية والشئون الإفريقية، فضلا عن دوره الدبلوماسى الذى لعبه بجدارة فى مفاوضات السلام، ولفت عباس الى الدور الكبير الذى لعبه الدكتور بطرس بطرس غالي، فى دعم علاقات مصر مع الدول الإفريقية، إذ كان يرى أن إفريقيا هى قارة المستقبل، وأن مصر التى لعبت دورًا رئيسيًا فى دعم حركات التحرير فى إفريقيا، وأنها قادرة على لعب دور مماثلً ومكملً فى معركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتجلى ذلك لاحقا فى أن كثيرا من القادة الأفارقة، هم الذين بادروا بطرح ترشيحه لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، ليتقلد أرفع منصب دبلوماسى على مستوى العالم، فى فترة صعبة، مليئة بالتحولات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية، وما صاحب تفكك بعض دولها من صراعات قومية وعرقية، وقد لعب غالى دورًا مهمًا فى رسم مسار الأمم المتحدة فى تلك الظروف الصعبة، من خلال طرح أفكار ومبادرات عدة لتحقيق السلم والاستقرار العالمي، ومن أبرز ما قدمه ورقتان: الأولى بعنوان «أجندة من أجل السلام»، والثانية بعنوان «أجندة من أجل التنمية»، كان دومًا يرى الرابط بين تحقيق السلم والنجاح فى التنمية.
وعرج الدكتور جمال عبد الجواد، المستشار الأكاديمى لمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، الذى تولى إدارة الندوة، الى الجانب الصحفى فى حياة الدكتور بطرس بطرس غالي، مشيرا الى أنه كان أول من عمل على تأسيس الصحافة المتخصصة فى مصر، بسبب تأثره بوسائل إعلام عالمية مرموقة، وقال عبد الجواد إن الدكتور بطرس بطرس غالى أسس مجلة «الأهرام الاقتصادي»، لتكون مثل «الإيكونوميست»، وأسس «السياسة الدولية» لتكون نواة لإصدارات سياسية متخصصة مثل «فورين أفيرز» وغيرها، مشيرا الى أن الحديث عن انجاز الدكتور بطرس بطرس غالى يجب ألا يتوقف عند دوره الدبلوماسي، لكنه يمتد الى دوره كصحفى بارز فى مجاله أيضا.

عمرو موسى - د.مصطفى الفقى
من جانبه، وصف عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية سابقا، الدكتور بطرس بطرس غالي، بأنه كان شخصية استثنائية بكل المقاييس، مشيرا الى فترة عملهما معا، وقال موسى : عندما تولى وزارة الخارجية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لم يكن يعرف أروقة الوزارة، ولكننا رأيناه يحلل ويستمع، ويستدعى المسئولين فى مكتبه ليسألهم، وكان يهتم بالقراءة بشكل كبير، فبدأ فى إدخال عنصر الثقافة على الدبلوماسية المصرية بشكل عام، وقد استبق بذلك المعهد الدبلوماسي، الذى تعلم فيه دارسون كثيرون من مصر ودول مختلفة.
وعرج عمرو موسى على العديد من المميزات التى شكلت شخصية الدكتور بطرس بطرس غالي، وكيف لعبت تلك الشخصية دورا كبيرا فى تحديث وزارة الخارجية، وقال موسى : كان يتعامل مع الكفاءات فقط، ويدفعهم للأمام، وكان له دوره فى مفاوضات السلام، وهو دور وطنى عاصرته يوما بيوم، وشاهدت من خلال هذه المعاصرة، كيف كان يدافع بقوة عن المواقف العربية والفلسطينية، وكيف أدخل التوازن فى المفاوضات، وتصدى لكثير من الصياغات غير المنضبطة، كما كان له اهتمام كبير بالبعد الإفريقي، وهو ما أكسبه سمعة طيبة وتقديرا عاليا فى كثير من الدول الإفريقية، فضلا عن التقدير الدولي، فقد كان شخصية مقبولة فى «صالونات العالم السياسية»، وكما هو معلوم فان هذه الصالونات هى التى تصنع السياسة، ويكفيه أنه خلال فترة توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة، أنه نجح فى تقليل انحياز المجتمع الدولى للولايات المتحدة وإسرائيل، وكان هذا هو سبب عدم التجديد له فى منصبه.

د. جمال عبدالجواد - د. محمد سلماوى
وفى كلمته تعرض الكاتب الكبير محمد سلماوى الى اسهامات الدكتور بطرس بطرس غالى الكبيرة فى المجال الدبلوماسي، مشيرا الى أنه كان المصرى الوحيد الذى تولى أرفع منصب دولي، وهو الأمين العام للأمم المتحدة، وكان خروجه من المنصب نفسه أمرا يحسب له، لأنه لم يستطع الخروج عن مبادئه، وقال سلماوي: رغم إسهامات بطرس بطرس غالى الكبيرة فى مجالات الدبلوماسية والصحافة والعمل بوزارة الخارجية، الى جانب عمله الأكاديمي، فقد ظلت أبرز صفة له هى صفة «الباحث» الذى لا يعتد إلا بالنتائج العلمية، وهى صفة أساسية وراء نجاحه، فقد بدأ حياته أستاذا جامعيا، وظل أستاذا جامعيا حتى آخر يوم فى حياته، بعيدا عن أى قناعات سياسية، بدليل أنه رغم كونه سليل عائلة أرستقراطية، فإنه انحاز لعمله فقط، لأنه دخل مجال العمل العام ليس من باب أيديولوجي، ولكن من منطلق كونه باحثا أكاديميا، بدليل أنه كان مهتما بالملف الفلسطينى رغم ديانة زوجته، وكان يتمتع بتواضع الباحث، التى تختلف تماما عن شخصية «السياسي».
وأضاف سلماوي: أنه حاول تطوير دور الأمم المتحدة بشكل موضوعي، ولم يكن هناك ارتياح كبير من جانب الولايات المتحدة لذلك، فكانت القشة التى قصمت ظهر البعير هى مذبحة «قانا»، فقد طلب منه تأجيل اتخاذ قرار لجنة التحقيق فى المذبحة، بحجة أن هناك معلومات جديدة، وأجلها بالفعل، ثم طلب منه تأجيل آخر، لكنه أدرك على الفور أنهم لا يريدون منه إعلان نتائج عمل هذه اللجنة، رغم أن المذبحة ارتكبت ضد مبنى تابع للأمم المتحدة فى لبنان، فأعلن نتائج التقرير، فكانت النتيجة هى عدم التجديد له فى موقعه كأمين عام للأمم المتحدة.

د. نبيل عبدالفتاح - د. صبحى عسيلة
وفى كلمته عرض منير فخرى عبد النور، وزير التجارة والصناعة الأسبق، الى جوانب عائلية من حياة الدكتور بطرس بطرس غالي، الذى تربطه به صلة قرابة، مشيرا الى أن أسرة بطرس بطرس غالى خضعت لقانون الإصلاح الزراعي، ومع ذلك، لم يتخذ بطرس غالى أى موقف من النظام حينذاك، لأنه فهم التاريخ، وعلم أن هذا النظام جاء ليبقى، لذلك لم يفقد فى يوم أمانته العلمية، وكان دائما فى محاضراته يقول إن إسرائيل أنشئت لتبقى، رغم أن ذلك كان مغايرا للخطاب الرسمى العربى وقتها.
وقال عبدالنور : رغم أن بطرس بطرس غالى تولى منصبه فى الأمم المتحدة عام 1992 فى فترة كانت تشهد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبدء عالم جديد أحادى القطب، الا أنه رفض رغم ذلك هذا الوضع ولم يستسلم له، ولذلك دعا إلى «دمقرطة» العلاقات الدولية، ورفض الشروط التى تمليها الولايات المتحدة على العالم، ودافع عن استقلالية الأمم المتحدة فى قضية مذبحة قانا، وأيضا فى قرار اتخذ فى لندن بإرسال قوات حفظ السلام إلى يوجوسلافيا السابقة، ودافع أيضا عن الدول الفقيرة إبان حروب الصومال ورواندا وكمبوديا، مشيرا إلى أن بطرس بطرس غالي، مر بمرحلة «المثقف» فى فترة الفرانكوفونية وما بعدها، بدليل أن منزله فى باريس كان ملتقى للمثقفين الفرنسيين على أعلى مستوى، فكان من المصريين القلائل الذين نجحوا فى الدفاع عن مصالح مصر بلغة وثقافة الغرب.
وعرض نبيل عبد الفتاح مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى كلمته امام الندوة، الى جوانب عديدة شكلت شخصية الدكتور بطرس بطرس غالي، ومن بينها ميراثه الأسري، مشيرا الى أنه لم يخف انتماءه إلى فكرة القومية المصرية، بفضل الأسرة التى انتمى إليها، وبخاصة ميريت بطرس غالي، وقال عبد الفتاح إن دراسة بطرس بطرس غالى للقانون، هى التى جعلت عقله منظما، وقد لعبت دراسته للقانون الدولى العام دورا كبيرا فى أن يعرف موازين القوة، فيما ساهمت دراسته للعلوم السياسية، فى زيادة وعيه بالجوانب السياسية، وأضفت مشاركته فى تأسيس الصحف، على عمله كثيرا من الانضباط، وهو ما تجلى تاليا فى ايمانه بالواقعية السياسية، التى شكلت سمت سلوكه السياسى بشكل عام، بدليل الدور الذى لعبه فى كل من الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطني، وقد كان بطرس بطرس غالى طوال حياته حذرا من الناحية السياسية، كما كان ساخرا، ويجيد السخرية من خصومه، وبشكل عام، المصالح المصرية كانت محركا رئيسيا له فى عمله.

ممدوح عباس - نزيرة الأفندى
وتميز الدكتور بطرس بطرس غالى حسبما قال المفكر السياسى الدكتور مصطفى الفقي، بأنه كان واقعيا حتى النخاع، الى جانب تميزه بالحياد الأكاديمى الذى منحه قيمة كبيرة، وقال الفقى إن بطرس بطرس غالى كان يتحلى بالذكاء الشديد، وبخفة الدم أيضا، وكان مؤمنا بالوحدة الوطنية، لذلك قام بتحييد عنصر الدين تماما فى عمله، وكان يكن كل الحب والتقدير لرجال الدين الإسلامي، وقد كان حريصا على أن يناقش كل شىء بدقة، وقد كان يعتبر نفسه دائما صحفيا، ولذلك، كان يتعامل مع الإعلام بذكاء شديد، وأعتقد أن بطرس غالى استفاد من وجوده تحت مظلة «الأهرام» وأيضا مظلة محمد حسنين هيكل، لأن هذا هو ما جعله دائما تحت الأنظار، مثلما كان عليه الحال مع نجيب محفوظ، وقد كان بطرس بطرس غالى يرى فى ثورة يوليو 1952 أنها جزء من حركة التاريخ، ولذلك، تعامل معها بنظرة واقعية للغاية.
من جانبه، عرج الكاتب الصحفى أحمد الجمال، على علاقته بالدكتور بطرس بطرس غالي، مشيرا الى أنه رغم أنه لم يعمل معه، إلا أنه عرفه عن قرب من خلال اثنين، الأول هو الدكتور حامد ربيع، الذى لم يكن للدكتور بطرس بطرس غالى كثيرا من الود، والثانى هو محمد حسنين هيكل، وقال الجمال: قرأت للدكتور بطرس بطرس غالى «البيت الزجاجي» و«الطريق إلى القدس»، وعرفت أنه كتب مذكراته، لكنها لم تنشر، وليتها تنشر بالفعل، إذ يتعين على الأجيال الجديدة أن تهتم بهذه الكتب، وبدراسة مضمونها، فقد كان بطرس بطرس غالى من الناحية التقنية «مثقف دولة»، لا مثقف نظام، ومثقف الدولة لا يجد طريقا لخدمة وطنه إلا بالاقتراب دائما من النظام، وهو ما فعله بطرس بطرس غالي.

أحمد الجمال - منير فخرى عبدالنور
وفى كلمته تعرض السفير رءوف سعد، للفترة التى عاصر خلالها الدكتور بطرس بطرس غالي، وعرف عنه الكثير، مشيرا الى أنه رغم أنه جمع بين عدة مواقع، الا أنه تميز بأنه ظل فى جميع هذه المواقع يلعب دور المفكر، الذى يجمع بين الرؤية الاستراتيجية الثاقبة، والبراجماتية، كما كان يتمتع أيضا بالإبداع فى عمله، بدليل أنه تحدث منذ التسعينيات عن أن القرن التالى سيكون قرن المياه، وسيشهد صراعات بسببها، وكان من أوائل المهتمين بقارة إفريقيا، وكان يعتبر إفريقيا شيئا مهما للغاية.
وركزت الكاتبة الصحفية نزيرة الأفندى مديرة تحرير «الأهرام الاقتصادي» سابقا على الحديث عن بطرس غالى «الصحفي»، فقالت إنه كان بسيطا ومتواضعا ويتحلى بروح الدعابة، و«النكتة»، وبخاصة أنها عاصرته على مدى 52 عاما، وكان شخصية فذة يحفز من حوله على الاطلاع والثقافة، وكان ليبراليا، ولكنه كان حريصا على أن يفرد مساحات كبيرة فى المجلة لملفات عن الاشتراكية الدولية.
وفى كلمتها روت السفيرة ليلى بهاء الدين، المديرة التنفيذية لمؤسسة «كيميت بطرس غالي» كيف قام الدكتور بطرس بطرس غالى باختبارها لدى دخولها وزارة الخارجية، وتقول : كانت المنافسة وقتها على الالتحاق بالعمل فى الأقسام الأوروبية والغربية، لكنه نصحنى بدخول الإدارة الإفريقية، لأنه كان مهتما بها، وكان يطالب الدبلوماسيين دائما بالانفتاح أيضا على الشرق، وكان دائما ما ينصح الدبلوماسيين الشبان الذين يريدون العمل فى الإدارات الغربية قائلا: «العالم القديم .. دعوكم منه».

طارق الخولى - رءوف سعد
وارتبطت الكاتبة الصحفية عائشة عبد الغفار، بعلاقة صداقة مع عائلة الدكتور بطرس بطرس غالى منذ زمن بعيد، وتعرفت عليه عن قرب، وهى تقول عن ذلك: شاهدت كم كان متواضعا للغاية مع جميع الناس، لدرجة أنه كان يتعامل مع العاملين لديه وكأنهم أهل بيته، بل وكان يجلس معهم ليحدثهم عن تجربته مع الحياة، وكان دائما يقول إن جزءا كبيرا من أسباب نجاح الدبلوماسى هو علاقته مع الصحافة، ولذلك، كان يتعامل دائما مع الصحفيين بود وتعاون.
ومن جانبه قال الكاتب الصحفى عزت إبراهيم، رئيس تحرير «الأهرام ويكلي» إنه يضم صوته إلى صوت السفير رءوف سعد، فى المطالبة بضرورة دراسة ما قدمه بطرس بطرس غالي، فى قضية «الدبلوماسية الوقائية»، لأن هذه المسألة لم تأخذ حقها حتى الآن، مشيرا إلى أن الوضع الدولى الحالى يتطلب إجراء إعادة قراءة فى الدبلوماسية الوقائية لبطرس بطرس غالي، بحكم تشابه الظروف، خاصة أنه كان أول من تحدث عنها، وأضاف: من خلال عملى كمراسل للأهرام فى الولايات المتحدة، لمست حجم التقدير الكبير الذى تكنه الأوساط الدولية لبطرس بطرس غالي، الذين كانوا يلقبونه بـ«الباشا»، وكيف كان الصحفيون فى نيويورك يتندرون عند عقد المقارنة بينه وبين أداء من خلفوه فى المنصب، إذ كان يمثل فى الأمم المتحدة نموذجا للدبلوماسى الدولى المستقل.

ويروى الدكتور صبحى عسيلة، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كيف كان يشعر بالفخر والسعادة، لدى التحاقه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، لأنه وقت التحاقه بها كان بطرس بطرس غالى قد فاز بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، وقد كان هذا يمثل إحساسا رائعا بالفخر والشرف، أن يكون طالبا فى هذه الكلية فى ذلك التوقيت، ويقول عسيلة: كان بطرس بطرس غالى يحب عمله كثيرا، مهما تكن الظروف، وحتى فى الفترات التى كانت فيها الرئاسة نفسها غير مقتنعة أو متحمسة لذلك، فقد كان شديد الاهتمام بحركة عدم الانحياز، على الرغم من عدم وجود الاهتمام نفسه بها من جانب الرئيس السادات، وأضاف عسيلة: أتذكر جيدا أننا سألناه ذات مرة عن تحليله للوضع فى منطقة الشرق الأوسط، فأجاب بعبارة عبقرية، «فى الشرق الأوسط، الصراعات تتصارع».
ويقول النائب طارق الخولى عضو مجلس النواب إن ما حققه بطرس بطرس غالى من إنجازات كثيرة طوال حياته، يشعر المتابع لسيرة حياته، بأنه عاش مرتين، لينتج هذه الأعمال الكثيرة، فأثره لا يزال حاضرا فى كل مكان، وثمن الخولى الدور الكبير الذى تلعبه مؤسسة «كيميت» بطرس غالي، التى تقوم على ما كان يسعى إليه بطرس بطرس غالى بالفعل، مشيرا إلى أن جيل الشباب حاليا يفتقد إلى «القدوات»، ويجب أن تكون لدينا القدوة، التى تستطيع أن تنصح وتوجه، منوها فى هذا الصدد إلى أن بطرس غالى نصح الشبان بتعلم اللغة الصينية منذ فترة طويلة، وكأنه كان يقرأ مستقبل العالم.
رابط دائم: