مونديال كرة القدم فى قطر جاء للعالم فى الوقت المناسب! إن كنت تعتبرنى مبالغا فقارن بين سلوكيات وأولويات اهتمام من حولك تجاه مشكلات الحياة ومنغصاتها قبل انطلاق الماراثون الكروى الكبير وبعده مع انغماس نحو (5 مليارات نسمة حسب تقديرات الفيفا) فى أجواء الإثارة والمفاجآت التى تلقيها فى وجوهنا المواجهات الكروية الحماسية.
توارت الاهتمامات بالأنباء التى تزعجنا منذ عامين ابتداء من (ذيول) جائحة كورونا التى لاتكاد تنقطع حتى تنمو بغلظة مرة أخرى،فعرفنا أزمة سلاسل الإنتاج وتباطؤ النمو الاقتصادى،وجاءت الحرب الأوكرانية لتقصم ظهر العالم وتتركه حائرا،يهذى بفعل ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والمواد الأساسية، لكن من أقوى من كرة القدم التى وارت كل تلك الأزمات خلف زخم مباريات المونديال التى ندين لها بالعرفان فى اعتدال أمزجتنا ولو إلى حين !
نعترف برأى العلم الذى يعزى اعتدال أو اعتلال المزاج فى أثناء متابعة مباريات كرة القدم إلى إفراز المخ لمواد كيميائية تثير تلك المشاعر الحماسية الرائقة عند الفوز أو التوتر والإحباط عند الهزيمة، لكن مايهمنا هو أهمية الفحص النفسى والاجتماعى للإجابة التى تتحصل عليها فى معظم الأحيان من الفرد حين توجه إليه السؤال:لماذا تتابع مباريات كرة القدم؟ ويكون الرد التلقائي: للهروب من ضغوط الحياة ومشكلاتها.
مونديال قطر حمل زخما مختلفا للعرب والمسلمين عما سبقه من بطولات عبر التاريخ، فبعيدا عن النجاح الذى تكلف نحو 200 مليار دولار لتقديم بنية أساسية ومنشآت قادرة على استيعاب الحدث الكبير الذى فتح لقطر صفحات ناصعة فى ذاكرة العالم، فإنه يحسب للدوحة تلك الأجواء الأسطورية التى تجاوزت حدود حماس كرة القدم ومشاهدة كبار اللعبة، حين تقدم وجها حضاريا للعرب والمسلمين يتجاوز الصورة النمطية التى يصدرها الغرب بفجاجة،ليتابع العالم بشغف مونديالا لكل الأجناس والعقائد، يتجاوز حدود السياسة التى تفرق الشعوب، لتجمعهم كرة القدم تحلق بهم فوق همومهم الاقتصادية والاجتماعية، وتصنع لهم حالة مزاجية رائقة باتت حلما وسط تفاصيل يومية مرهقة.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: