لم يكن فقط دبلوماسيا كبيرا وصاحب فكر ورؤى، بل كان إنسانا راقيا من هذه الكوكبة المصرية العريقة التى زينت وجه مصر الحضارة والثقافة والفكر.. انه د.بطرس غالى الدبلوماسى الشهير وأمين عام الأمم المتحدة ووزير الدولة للشئون الخارجية بمصر فى الأوقات الصعبة الذى نحتفل هذه الأيام بذكراه المئوية .. عرفته فى بداية عملى فى الأهرام عندما كان رئيسا لتحرير مجلة السياسة الدولية، وكنت عائدا من رحلة طالت إلى دول غرب إفريقيا ودخلت عليه فى مكتبه بالدور السادس وقدمت له نفسى .. وبدأت احكى له عن رحلتى وما شاهدت فيها والشخصيات التى قابلتها وكان منها رئيس نيجيريا يعقوبو جون فى ذلك الوقت.. واستمع إلىّ وقدمت له مقالا عن الدعاية الإسرائيلية فى إفريقيا وفوجئت بنشر المقال فى العدد التالى من مجلة السياسة الدولية.. كنت أحمل له تقديرا كبيرا ومن وقت لآخر كنت أزوره فى مكتبه، وكان مجاملا ودودا يتمتع بروح الأستاذ.. مرت الأيام وكثيرا ما كنا نلتقى فى المناسبات وفى عام ٢٠٠٥ دخلت المستشفى مصابا بأزمة قلبية بسبب إحدى مقالاتى عن توريث القضاء، وتم التحقيق معى فى مكتب النائب العام .. كان د. بطرس رئيسا للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان وقرر تكريمى فى المجلس، وحين ذهبت استقبلنى مع الأعضاء بود شديد، ويومها أصر أن اجلس مكانه فى صدارة الاجتماع وكان تقديرا مازلت أعتز به، خاصة أن الكتاب السنوى لمجلس حقوق الإنسان كتب تقريرا عما حدث معي، واعتبره من التجاوزات فى حقوق الإنسان فى مصر .. أسباب كثيرة جعلتنى أحمل تقديرا عميقا للدكتور بطرس غالى .. فقد كان مثقفا ومفكرا من طراز رفيع وهو أحد رموز السلسلة الذهبية فى تاريخ الدبلوماسية المصرية العريقة ومسئولا دوليا فى الأمم المتحدة وأحد رموز مصر التى شاركت فى الاهتمام التاريخى بين مصر ودول إفريقيا .. وقد تمتع بسمعة دولية جمعت الشرق والغرب معا، وكان علامة فى تاريخ علاقات مصر الدولية..
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: