رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العيش والأرز .. والموت جوعا وشبعا!

كانت الشفافية والمصداقية ومصارحة المواطن بما يحدث من أزمات ويتخذ من قرارات فى جميع المجالات من أهم توصيات المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى أكتوبر الماضى ودعا إلى الإجابة على الأسئلة التى تشغل المواطنين وارتباط السياسات الاقتصادية بحرية التفكير ووضع خارطة طريق للاقتصاد خلال السنوات القادمة والإجابة على جميع مخاوف المواطنين والتأكيد على ارتباط الأمن القومى بالسياسات الاقتصادية.. وفى ضوء كل هذا وحتى نشر هذا المقال أرجو أن يكون المسئولون قد أوضحوا أسباب ما يحدث من نقص للأرز بكل ما يمثله مع العيش من أساسيات فى وجبات المصريين, وأسباب اختفائه والأجل المتوقع لإنهاء الازمة ومدى سلامة الأرز المستورد منعا للشائعات التى تنشر الأكاذيب.. إن اطمئنان المواطن وتزويده بالحقائق يمثل جزءا مهما من تخفيف الأزمات التى لا تواجهنا وحدنا ولكن تواجه العالم كله وتهدد الملايين منه بالموت جوعا كما أكد مؤتمر شرم الشيخ للمناخ وتأكيد ما أكدته كثيرا أنه لا نجاة إلا لمن اعتصموا بإنتاجهم وتعظيم ما يملكون من ثروات طبيعية وبشرية.. ومن خلال كتاباتى ودعواتى المتواصلة طوال السنوات الأخيرة بل ومنذ نهايات القرن الماضى عن وسائل تحقيق أمننا الغذائى تابعت باهتمام ما آثاره مؤتمر شرم الشيخ بالنسبة لهذا الأمن ولفتنى توجيه وزارة الصحة المصرية لمبادرتين لتحقيقه لشعوب الأرض والمبادرات المختلفة لتوفير التمويل الذى يتطلبه والتحولات المطلوبة للأنظمة الزراعية للتوافق مع المتغيرات المناخية ومعالجة آثارها السلبية وفى مقدمتها سوء التغذية التى يعانى منها الملايين الآن وكيف يتكامل عمل أنظمة الصحة العامة مع التعليم واستخدامات المياه من خلال الظروف المختلفة لشعوب الأرض ويجمع بينها كلها الشح المائى ونقص الأنصبة المتاحة للأفراد خاصة للشعوب التى تعانى من الكثافة السكانية دون قدرة على استثمارها ومعالجة عوامل بطء نمو إنتاجية المحاصيل الزراعية واضطرابات الظواهر الجوية الذى يعرض ملايين البشر لأخطار انعدام الأمن والتنوع الغذائى وانتشار سوء التغذية بسبب نقص قدرات الحصول على الغذاء أو إتباع أنظمة غذائية غير صحية ونحن من أهم الأمثلة على ذلك حيث نشهد فى اليوم الواحد مناخ أربعة فصول واعتقد أنها من أهم أسباب انتشار الأمراض التنفسية بين الأطفال والانفصال بين الواقع وبين تجارب معاهدنا القومية وجامعاتنا ومنظماتنا الاهلية العاملة فى مجال تحقيق الأمن الغذائى وعدم إحياء تراث أجدادنا والذى كان فى مقدمة عوامل قوتهم وسلامتهم العقلية والبدنية.

ومن أهم المؤسسات التى تعرفت عليها فى هذا المجال مؤسسة .د. ميرا لإحياء تراثنا الغذائى ودعم صحة المصريين كذلك من أهم أسباب مشاكلنا الزراعية والغذائية عدم الاهتمام بالمحاصيل الأكثر قدرة على تحمل الظروف المناخية المتقلبة والمتغيرة وخروجنا للزراعة فى وسع صحارينا مع نقص المياه اللازمة للرى التى تستهلك نحو 75% من نصيبنا المائى وتراجع نصيب الفرد عن النصاب المقرر صحيا وعالميا وكذلك ضرورة نشر وتطبيق على مستوى قومى ما تم بنجاح على مستوى الأفراد وبعض معاهدنا الغذائية من تجارب جديدة لاستعادة أنماطنا الغذائية ومقاومة ما تم استيراده من أنماط غذائية غريبة علينا ولا تتوافق مع بصمتنا الغذائية.. وأرى ان هذا الاستيراد للغريب علينا من أنظمة غذائية من أهم أسباب ما ينتشر بيننا الآن من أمراض غريبة وجديدة علينا. وأقرب مثال لهذا فشل جميع الدعوات التى تمت طوال الأشهر الماضية لزراعة الشعير بكل فوائده لصحة الإنسان والأرض والحيوان وفوائده الاقتصادية التى يحققها صناعة رغيف العيش من خليط من دقيق قمحنا ودقيق الشعير فى إنقاذ دخلنا القومى من المليارات التى ندفعها فى استيراد القمح.. ولكن وكما كتبت من قبل انه يبدو أن الفوائد تحققها جماعات استيراد القمح أهم من انقاذ الدخل القومى بزراعة الشعير الذى أثبت علماؤنا الأمناء وفى مقدمتهم .د. نادر نورالدين أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة انه من أفضل المحاصيل للزراعة فى الاراضى الصحراوية وبكميات تغنينا عن استيراده وبتكلفة تحمينا من تغول وتضاعف أسعار القمح عالميا.

◙ أرجو أن تنجح توصيات مؤتمر شرم الشيخ فى إلزام الدول القوية والغنية فى التكافل والمسئولية عما يعصف بالشعوب الأقل قدرة والأضعف إمكانات وباحترام الجهود الوطنية للدول لحماية شعوبها من الكوارث المتوقعة لنقص الغذاء وموت الملايين جوعا.

◙ ملحوظة تستحق الوقوف أمامها فقد ظهر فى احد جلسات المؤتمر أن أعلى مستويات هدر الطعام تحدث فى الدول العربية... انها مأساة لها أبعادها السياسية والاقتصادية والاخلاقية للتناقض بين مستويات الحياة فى عالمنا العربى وغياب المسئوليات المجتمعية والإنسانية فى عالم كما يموت فيه الملايين جوعا يموت الملايين من الشبع وانفجار الأمعاء والبطون!.

◙ لم تستطع الانجازات المهمة التى حدثت فى المؤتمر أن تطغى على أنباء حوادث الطرق الأليمة التى أسقطت أعدادا من أبناء قرانا والتى ستكشف تحقيقات النائب العام أسبابها... المشهد الموجع وكتب وكراسات الطلبة والطالبات الغرقى الذين كانوا فى طريقهم إلى مدارسهم وجامعاتهم تطفو على مياه الترعة بمركز أجا أعاد الى ذاكرتى مشهدا لا يقل ألما ولم يغب عنى أبدا لدماء أطفال مدرسة بحر البقر التى تناثرت على كتبهم وكراساتهم بعد غارة للعدو الإسرائيلى على المدرسة ... كذلك أثبتت تحقيقات النيابة العامة أن عقار امبابة المنهار غير مرخص وصادر له قرار إزالة! وبما يؤكد المؤكد ان الإهمال خطر لا يقل تهديدا للأمم عن غزوها والعدوان عليها وعن ارتفاع حرارة الأرض التى يجتمع العالم فى شرم الشيخ لتخفيضها.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: