رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مؤتمر شرم الشيخ.. فرصة الإنقاذ

فى ظرفية اقتصادية عالمية استثنائية، وبعد عام قاس شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس، انطلقت، بداية الأسبوع الحالى، بشرم الشيخ، فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة السنوى المعنى بتغير المناخ الذى يعمل على تقدم المحادثات العالمية بشأن المناخ، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة مهمة للنظر فى آثار تغير المناخ وكذلك الابتكار والحلول فى إفريقيا.

فى وقت يدرك الجميع خطورة الوضع المناخى الراهن وحجم التحديات المرتبطة، غير ان الأبحاث العلمية تظهر أن العالم يتحرك ببطء فى جميع جوانب مكافحة تغير المناخ. ولعل المؤتمر يشكل فرصة من اجل انقاذ الأرض، ومن أجل تحول عادل فى مجال الطاقة بما يسمح للدول الفقيرة بالتطور الاقتصادى وتعزيز التمويل الرخيص لمواجهة آثار تغير المناخ، وتلبية مطالب الدول المعرضة للتأثر بالتغيرات المناخية بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة التى يسببها المناخ.

من ضمن أولويات العمل المطروحة على طاولة هذا المؤتمر هناك التركيز على تنفيذ التعهدات والالتزامات القائمة قبل وبعد اتفاق باريس، وتبنى نهج شامل ومتكامل فى التعامل مع العمل المناخى يراعى الاتساق مع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، فضلا عن صياغة حزمة من المشروعات المستدامة القابلة للاستثمار وربطها بمصادر التمويل المتاح التى تم الإعلان عنها فى مؤتمرات المناخ السابقة، وإحراز تقدم فى موضوعات الخسائر والأضرار. اما من اهم التحديات المطروحة، فهى محدودية تمويل المناخ المتاح مقابل حجم الاحتياجات المطلوبة.

يتراوح حجم تمويل المناخ المطلوب حتى عام 2050 ما بين 3 و 6 تريليونات دولار، فى حين أن تدفقات هذا التمويل فعلياً تقدر بحوالى 632 مليار دولار فى الفترة 2019-2020، وهو ما يعادل حوالى 10-20% من هذه الاحتياجات. بخصوص القارة الإفريقية، فهى تحتاج لنحو 2.8 تريليون دولار فى الفترة ما بين 2020و 2030 لتنفيذ مساهماتها المحددة وطنيا.ومن المفارقات التى يطرحها موضوع المناخ هو كون الدول الأكثر تضررا من تغير المناخ هى الأقل إسهاما فى الانبعاثات على الصعيد الدولي.

فى القارة الافريقية، مثلا، حجم الانبعاثات لا يتجاوز 3% من الانبعاثات العالمية.وحجم الانبعاثات فى باكستان، التى تسببت الفياضانات الأخيرة بها فى خسائر اقتصادية قدرها 30 مليار دولار، لا يتعدى 1%.لكن ومع ذلك، لا ينبغى اتخاذ ضعف انبعاثات دول افريقيا،والدول النامية والاقل نموا بصفة عامة، كأمر مسلم به، حيث إنه فى حال استمرار ضعف التمويل الموجه للاستثمار فى التكنولوجيا النظيفة بهذه الدول وتحقيق الانتقال العادل بها، فإنه من المتوقع تزايد تلك الانبعاثات فى ضوء تطلعات هذه الدول لتحقيق التنمية والنمو الاقتصادى، وتزايد احتياجات ومتطلبات الطبقة المتوسطة بها.كما انه لا بد من إدراك الدول المتقدمة أن الاستثمار فى التكيف والوقاية من آثار تغير المناخ يعد أقل تكلفة من تمويل تداعيات الكوارث الطبيعية الناتجة عنه.

بالإضافة الى عدم وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها بتقديم 100 مليار دولار كتمويل للمناخ تركز تدفقات التمويل الحالية على بعد التخفيف على حساب التكيف، فإن 98% من تمويل التكيف يأتى من مصادر التمويل العام، حيث يعزف القطاع الخاص عن تمويل التكيف مقابل تركيز استثماراته على مجالات التخفيف. امام هذا الواقع وامام ازدياد مخاطر تداعيات تغير المناخ ولمواجهة التحديات المطروحة، ومن باب المسئولية المشتركة يرفع مؤتمر شرم الشيخ شعار التنفيذ الذى يبدأ بالامتثال لاتفاقية باريس، التى تهدف إلى منع تجاوز درجة حرارة الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ودفع الدول الصناعة للالتزام بتعهداتها، وإيجاد أدوات تمويلية مبتكرة للعمل المناخى، وتقليل الاعتماد على أدوات الدين فى تمويل المناخ، من بينها وضع آليات لتخفيف وخفض الديون، وربط مبادلة الديون بمؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بسياسات ومشروعات الاستدامة، فضلا عن تدشين أسواق للكربون تراعى ظروف الدول النامية،تعزيز بعد الاستدامة فى الموازنات الحكومية، وتشجيع آليات التمويل المختلط، فضلا عن توسيع قواعد الجمعية الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولى، بحيث لا يقتصر تقديمها للتمويل الميسر والمنح المالية على الدول الفقيرة، فقط، بل يمتد أيضا للفئة المنخفضة من الدول المتوسطة الدخل.

ولان مستقبل كوكب الأرض بالكامل على المحك، فإن إحراز أى تقدم فى العمل المناخى لا يتطلب فقط إحداث نقلة فى مجالات التمويل والتكنولوجيا، وإنما، أيضا، إحداث تغيير فى الثقافة والسلوك المجتمعى والدولى فى التعامل مع موضوعات تغير المناخ، من خلال إدراج مواضيع المناخ فى المناهج التعليمية للمدارس والجامعات، ووضع القواعد والقوانين اللازمة لتعزيز اعتبارات الاستدامة.


لمزيد من مقالات وفاء صندى

رابط دائم: