رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الشتاء قادم: المأزق الأمريكى

يقول المثل المصرى الحكيم: «إللى يعوزه البيت يحرم على الجامع». المقصود بالجامع فى المثل هو جامع الضرائب العثمانى وليس المسجد كما فهمه الناس. سنرى فى هذا المقال صلاحية مثلنا المصرى فى ردة فعل الناخبين الأمريكيين بخصوص المساعدات الأمريكية لأوكرانيا ومغزاها فى انتخابات منتصف الترم التى ستحل فى الثامن من نوفمبر، والتى ستشمل انتخابات مجلسى النواب والشيوخ وحكام الولايات والمجالس النيابية بكل ولاية. هى انتخابات مؤثرة عالميا وبالذات هذه المرة لأنها تأتى وسط حالة غير مسبوقة من الاستقطاب التى تكاد تجعل من أمريكا قبيلتين متصارعتين محكومتين بثأر ورغبة فى الانتقام من الأخرى كلما حظيت إحداهما بالسلطة وخصوصا بعد انتخابات 2020, مما يهدد بحدوث حرب أهلية ثانية كما يتوقع غالبية الباحثين والمحللين وأن 80% من كل من القبيلتين تؤمن بأن القبيلة الأخرى فى ضلال مبين.

كل التوقعات تشير الى أن الحزب الجمهورى قد يفوز بالأغلبية فى المجلسين وبنصيب وافر من حكام الولايات ومجالسها النيابية، وعلى أفضل الأحوال قد يفوز الحزب الديمقراطى بأغلبية ضئيلة فى مجلس الشيوخ. ورغم أن الانتخابات الأمريكية محكومة عادة بالعوامل الاقتصادية وما يرتبط بها من الوظائف وتوافرها والهجرة وقوانينها والعنصرية ومشاكلها وقضية البنادق وجرائمها, ثم تأتى بعد ذلك المؤثرات الخارجية كمرحلة ثانوية. رغم ذلك بدأت تلك الأمور تتغير فى الشهور والأيام الأخيرة نتيجة تأثير الحرب الأوكرانية الروسية.

فى بداية الحرب كانت قيادات الحزبين الديمقراطى والجمهورى متفقتين فيما يخص مد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية والأمنية والاقتصادية التى بلغت 40 بليون دولار إضافة الى مبلغ قدره 20 بليون دولار أخرى مخصصة للإمدادات العسكرية وتكاليف نقلها لأوكرانيا, إضافة الى مساعدات كثيرة أخرى تكاد تكون يومية. علق على ذلك الرئيس السابق ترامب والذى يتبنى أجندات براقة محببة لليمين المتطرف مثل «أمريكا أولا وأنقذوا أمريكا وأعيدوا عظمة أمريكا», ببيان مكتوب بتاريخ 13 مايو 2022 بأن الديمقراطين يرسلون 40 بليون دولار أخرى لأوكرانيا بينما لا يستطيع الآباء فى أمريكا تغذية أبنائهم, وأضاف انه عار قومى.الى جانب ترامب هناك شبكة فوكس التى تتبنى خطا مستداما معاديا لأوكرانيا وضد المساعدات الأمريكية لها. وهناك العديدون من أعضاء مجلسى النواب منهم المرشح الجمهورى لمجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا وأحد المعترضين على قرار المساعدات، وقوله إن أمريكا هى الآخر دائما فى سياسات الرئيس. لقد حان الوقت أن نتوقف على دعم حرب لا مصلحة لنا فيها. وفى سبتمبر بدأت نبرة التصعيد تعلو منها اعتراض المرشح الجمهورى لمجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو الذى قال حينها لا بد لنا من إيقاف حنفية المال لأوكرانيا، لقد أعطيناها الكثير. وفى الأسبوع الماضى صرح السيناتور الجمهورى المرشح عن ولاية نيوهامبشير أنه يتعين علينا إلقاء المسئولية على الرئيس بايدن لأننا لن نطبع الأموال من أجل أوكرانيا. إنها أموال لا نمتلكها ومعدات تلقى عبثا فى صراع بلا إستراتيجية أوطائل وأن هذه المساعدات منا لن توقف تلك الحرب.وبتاريخ 20 أكتوبر وقبل الانتخابات بثمانية عشر يوماأدلى كيفين مكارثى زعيم الأقلية الجمهورى حاليا والذى سيصبح زعيما للأغلبية فى حال فوز الجمهوريين قال فيه كلاما محسوبا للتأثير على الناخبين الأمريكيين هو إن الناس سيعانون تأثير الركود الاقتصادى وأنهم لن يكتبوا شيكا على بياض لأوكرانيا وإنهم سيرفضون ذلك قطعا, وأن أمريكا فى حاجة الى مجلس نواب يركز على مشاكل الداخل الأمريكى, هناك أمور لا يركز عليها الرئيس بايدن مثل عمله “لا شىء” فيما يخص الهجرة وما يجرى على الحدود. غير أن أكثر شىء جدلا كان إرسال 30 عضوا من الديمقراطيين فى مجلس النواب خطابا للرئيس بايدن يطالبونه بعدم الاستمرار فى إستراتيجيته الحالية وأنه حان الوقت لأن تجرى أمريكا مفاوضات مباشرة مع روسيا. أما لسان حال الشعب الأمريكى وكأنه كله يقول: أموال ضرائبنا يعوزها البيت الأمريكى وتحرم على الأوكرانيين.

لقد كان رهانا خاسرا من الرئيس الأمريكى والحلفاء أن الأسلحة ستكون كافية لدحر روسيا وهزيمتها وتحقيق نصر مبين لأوكرانياولأمريكا وحلف شمال الأطلنطى وأن فاتورة المساعدات الباهظة تهون فى سبيل تحقيق ذلك. كان هذا الرهان أيضا يهدف ضمن ما يهدف الى التأثير على الانتخابات الأمريكية وأنها ستجعل الحزب الديمقراطى سيفوزعلى نظيره الجمهورى. كيف غاب عن فكر هؤلاء الإستراتيجيين أن هزيمة روسيا التى تملك أكبر ترسانة نووية ستكون أمرا ممكنا لروسيا وهى أكبر دولة نووية فى العالم؟.

لقد خسر الجميع. خسر العالم الذى لا ناقة له ولا جمل فى تلك الحرب وأنه أصبح يدفع فاتورة باهظة، وخسرت أوروبا التابعة فأصبحت بين عشية وضحاها تعانى المر لدرجة أن سكانها أصبحوا يملأون الشوارع يوميا احتجاجا على نتائج الحرب. كما أن مبدأ أنه لا يوجد أحد فوق القانون قد تم كسره لمصلحة الرئيس السابق ترامب الذى حاول الديمقراطيون إثبات إدانته من خلال لجنة السادس من يناير 2021 والتى أثبتت إدانته فعلا وكذلك تدخل وزارة العدل الأمريكية التى أمرت باقتحام منتجعة والحصول على آلاف الوثائق السرية التى كان يحتفظ بها بطريقة غير شرعية وإثبات إدانته. إلا أنه لم يصدر حتى الآن أمر بإدانته رسميا من وزارة العدل. تتسارع الحوادث باقتراب موعد الانتخابات وتكثر التهديدات لأعضاء مجلس النواب الديمقراطيين, ففى يوم الجمعة الماضى حاول متطرف اقتحام منزل زعيمة الأغلبية لمجلس النواب نانسى بوليسى والتى تأتى فى المرتبة الثالثة فى الحكم بعد الرئيس ونائبته والتى لم تك موجودةحينها وأدى الحادث الى إصابة زوجها.


لمزيد من مقالات د. مصطفى جودة

رابط دائم: