رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

منظومة النقل .. نجاح يجب استثماره

منذ بضع سنوات قليلة مقارنة بتاريخ مصر الحديث، الذى اعتبرناه بدأ مع عصر محمد على، أى منذ أكثر من مائتى عام. شهدت منظومة النقل تطوراً لم يكن يمكن أن يتوقعه أحدُ على الإطلاق، وقت إعلان الشروع به، فقد تخيل الناس، أن هذا الحلم الخاص بمنظومة تطوير الطرق، لا يمكن أن تتم مشاهدته حيا تماما، إلا بعد عدد غير قليل من السنوات، قد يفوق العقدين إن لم يكن أكثر. ومع ذلك فاليوم و بعد أقل من عقد بكثير، شهدت مصر تطورا رائعا لمنظومة النقل، تطورا، كما ذكرت لم تكن أفضل التوقعات تومئ بانتهائه قبل أقل من عقدين ونيف من الزمان، وتكرار تأكيد قصر المدة الزمنية، هو فى الحقيقة تأكيد روعة الإنجاز. فقد كان الناس، دون تمييز، يقطعون المسافات فى وقت أطول من الآن يصل لأكثر من الضعف، وأوقات الضعفين، فأن تصل لقطع تلك المسافات فى هذا الوقت القياسى، لهو بلا شك أمر جيد للغاية، وأعتقد أننا وبلا تمييز نلمس هذا الإنجاز، والأمر لا يحتاج لشرح، ولكن لأننا نعيش تلك الميزة، أصبحنا لا نشعر بفقدها، وكان من الممكن أن يكون الحال الآن مأزوماً بشكل غير محتمل، ويؤدى للاختناق، لو تخيلنا لبرهة من الوقت أن الحال كما هو منذ عقد من الزمان. لا أعرف من أين أبدأ لأذكر بما بنيناه، ولكن المؤكد أننا كلنا لمسناه، وعايشناه، كما أننا شعرنا بقيمة الوقت، حتى إن منا من يشعر ببعض الضيق لو زاد وقت المسافة قليلاً عن المعتاد مؤخرا، رغم أن تلك المسافة منذ بضع سنوات كانت تستلزم ضعف الوقت كما ذكرت.

ما سبق كان ضروريا لتوضيح بعض الأشياء التى تستلزم أولا، استثمار تلك الحالة الرائعة، ثانيا، تعظيم الاستفادة القصوى من ذلك الانجاز الجميل، وللحقيقة نحن نستطيع أن نصل لمستويات أفضل، باتباع آلية للترابط بين عناصر منظومة النقل بشكل يعظم نتائج ذلك الانجاز بشكل أكثر روعة. فالقاهرة التى تكتظ بأكثر من ربع السكان تقريبا، ما بين مقيم ومتردد يوميا، أخذت تعانى معاناة شديدة للغاية ويلات الزحام، وصل بها إلى حدوث انسداد تام فى معظم شرايينها، وذلك كان يعنى توقف الحياة تقريبا، وما يستتبعه من مشكلات لا حصر لها.

أدى تطوير منظومة الطرق لإنشاء شرايين جديدة، مع تطوير القديمة، مما كان له طيب الأثر على سلاسة المرور، وأيضا بدأنا نشعر بذلك فى وسائل المواصلات المختلفة، وعلى الأخص الجماعية منها. لذلك أتمنى الربط بين كل شرايين النقل، من أجل تسليس المرور بشكل تام فى القاهرة الكبرى، بل و كل أرجاء الوطن، ولكن كيف؟ مثلا القاهرة الكبرى، تحتوى على جامعات ووزارات ومصالح وهيئات .. إلخ، كل تلك الجهات يقطع الذاهبون إليها والعائدون منها كل يوم مسارات، قد تكون متكررة، ومنهم من يبحث كل يوم عن البديل الأيسر والأوفر وقتا، وكلفة أيضا. فلو كانت لدينا بيانات توضح الكثافات المتوقعة لكل الفئات من طلبة وموظفين .. إلخ، وكذلك مساراتهم، فسيكون من اليسير تنظيم وسائل النقل بحيث تحتوى تلك الكثافات، وكذلك سيكون من اليسير تنظيم الطرق و إشارات المرور بآلية توقيتات عمل محددة مسبقا، نستطيع من خلالها القضاء على الزحام تماما. وهنا نحن نستغل وجود نظام كاميرات حديث للغاية يُمكن من معرفة الكثافات وقت حدوثها، كما يمكن من تسليسها بأفضلية لم تكن متاحة سابقا، كذلك يمكن من خلال توفر البيانات السابق الإشارة لها، من تعزيز أو تكثيف عدد خطوط المترو أو المونوريل أو حافلات الـ«BRT» من خلال تقليل زمن التقاطر فى أوقات معينة، وقد يقول قائل، إننا نعمل بذلك الآن فى مترو الأنفاق، حيث يتم تقليل زمن التقاطر وقت الذورة وتخفيفها فى أوقات الهدوء. ولكن مقصدى أشمل من ذلك، بحيث يتم على كل قطاعات منظومة النقل، كأننا نعزف مقطوعة موسيقية من قائد فرقة واحد.

نجاحنا فى ذلك سيعضد الخيارات لدى المواطن، بشكل قد يجعله يفضل استخدام المواصلات العامة، التى تنوعت درجاتها وفئاتها، وباتت تخدم شرائح أكثر بجودة أفضل بكثير، ونجاح ذلك سيعنى بلا شك، توفير سعات الطرق، بما يعود بكل تأكيد على خفض الزحام أكثر من المحقق الآن، ليأتى يوم قريب تتمكن القاهرة من استعادة بهائها ورونقها مرة أخرى، ويجب ألا ننسى أن أهم أسباب خسارة مصر تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010، كانت صعوبة وصول الفرق المختلفة من مقار الإقامة للملعب وكذلك المشجعون، فى وقت مقبول، حيث وجد المنظمون استحالة حدوث ذلك.

الآن لو أُتيح إعادة الاقتراع على تنظيم كأس العالم فى أفريقيا مرة أخرى، فبلا شك سيكون حظ مصر أوفر فى الفوز بكثير من المرة السابقة، والسبب المباشر والرئيس، هو سلاسة المرور، والتى من المتوقع، لو تم التعامل على وجود تطبيق «ما» و ليكن اسمه «طريقى»، يمكن من خلاله معرفة التدفقات البشرية ذهابا وإيابا ومساراتها المختلفة. و أعتقد أننا نملك من المواهب البشرية ما يجعلنا ننفذ هذا التطبيق بتنوعات تسمح بعمل تعديلات مرورية على مدى اليوم، لتنظيم التكدسات، بما يُعضد سلاسة المرور، قد تكون فكرة جديدة، ولكن آمل من خلالها الاستفادة القصوى من كل مميزات تطوير منظومة النقل المبهرة، وأثق أننا نستطيع أن نفعل أفضل من ذلك بمراحل، لو تم طرح الفكرة للحوار.

[email protected]
لمزيد من مقالات عماد رحيم

رابط دائم: