لم يكن الغرض من المؤتمر الاقتصادى الذى انعقد بعاصمة مصر الإدارية الدعاية للحكومة أو مغازلة رجل الشارع فى مواجهة ضغوط كبرى يتعرض لها الوطن فرضتها ظروف دولية خانقة وأحداث طارئة.
ولن يسمح رأس السلطة التنفيذية بأن يكون دخول المؤتمر مثل الخروج منه بعد كل ما حدث من مكاشفات عن حال الوطن قادها الرئيس بنفسه فى مداخلاته،وما شهدته جلساته من حوار ناضج جمع شمل قوى عدة،وتجاوز لهيب مناقشاته الحالة الاقتصادية ليضع تشخيصا جامعا لأنّات الوطن.
مضى زمن كانت تلجأ فيه حكومات مصرية سابقة لعقد المؤتمرات وحشد القوى الموالية لغرض الدعاية السياسية بينما كان الوطن يئن تحت وطأة أوضاع اقتصادية واجتماعية ضاغطة،فالزمن غير الزمن ومطالب رجل الشارع لا ترحم ولا سبيل سوى العمل الجاد،الواقعى،المخطط،لتوفير حياة كريمة لأبناء الوطن.
لذلك كان تأكيد القيادة السياسية منذ أول أيام المؤتمر أن آلية صارمة ستوضع لتنفيذ توصياته ومخرجاته على الفور،لأن رفاهية التأجيل أو التسويف لم تعد متاحة بغية منح رجال الأعمال والمستثمرين الثقة فى المنظومة الاقتصادية التى تعيد الدولة بناءها وفق آليات السوق الحر،وتشجيع الكيانات الصناعية الكبرى والمستثمر الصغير على السواء.
وأتفق مع من يرى أن مؤتمرا استغرق 3 أيام لا يمتلك وصفة سحرية لحل مشاكل الوطن بين ليلة وضحاها،لكن أعاجله برأى أراه واقعيا: أليست هذه من المرات النادرة التى يجتمع فيها شمل مثل هذا التجمع من رجال الاقتصاد والسياسة والنخب والخبراء وأصحاب الرأى المستقل للبحث والتفاعل إيجابيا لتصحيح المسار،ووضع الأفكار والتصورات الواقعية لإنهاض الوطن الذى ينعم فى خيراته الجميع؟
المؤتمر الاقتصادى عكس بما لا يدع مجالا لأى شك حالة الحراك السياسى والاقتصادى والاجتماعى الذى تشهده مصر،وأثبت عبر نظرة فاحصة لتوصياته،أن البعد الاجتماعى فى قلب اهتمام التوجيه السياسى والتخطيط الاقتصادى فى البلاد،ولعل ما واكب أيام المؤتمر من قرارات حكومية لتوسيع مظلة الأمان الاجتماعى،كإقرار علاوة جديدة ورفع حد الإعفاء الضريبى،ما يعكس جدية الدولة فى تسهيل الحياة على المواطنين،وقد يكون الطريق طويلا لكن تكفى بشائر المقدمات للتفاؤل بما هو آت.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: