كانت للعام الدراسى فرحة حين يذهب الأب أو الأم مع الأبناء لشراء الملابس والشنط والكراريس، وكانت المئة جنيه تشترى شنطة جميلة وبضع مئات تشترى الملابس والكراريس.. ولكننى فى الأيام الأخيرة سمعت أرقاما بالآلاف.. أحد الأصدقاء اشترى الكراريس لأبنائه بأكثر من ٢٧٠٠ جنيه والشنطة 500 جنيه والملابس ١٠٠٠ جنيه.. وكانت الكارثة الأكبر مصاريف ورسوم المدرسة.. كان الرجل فى حاجة إلي٥٠٠٠ جنيه من أجل ابن واحد، أى أن ثلاثة أبناء يحتاجون ١٥٠٠٠ جنيه هذا بخلاف أسعار الكتب والأنشطة المدرسية والدروس الخصوصية.. وسألنى صديقى وعنده ثلاثة أبناء وهو من الطبقة المتوسطة ماذا يفعل فى ميزانيات الطعام والكهرباء والملابس والمواصلات والأدوية وكشف الطبيب ألف جنيه والأبناء الثلاثة أصيبوا بلعنة كورونا ودخلوا المستشفيات؟!.. إن الأزمة ليست فقط فى المدارس الأجنبية، ولكن مصاريف المدارس الحكومية تزيد على ٧٠٠ جنيه.. لقد أصبحت ميزانية التعليم تتجاوز النفقات الأخري.. وماذا يفعل موظف راتبه خمسة آلاف جنيه مع ثلاثة أطفال فى مدارس التعليم المختلفة؟!.. فى زمان مضى تعلمت أجيال مصر كلها فى مدارس حكومية بلا رسوم أو مصاريف أو دروس خصوصية.. منذ أصبح التعليم تجارة اختفى دور المدرس وغاب التعليم الحقيقى وتاه ملايين التلاميذ ما بين عشرات المدارس الأجنبية.. وأمام هذا كله كان المدرس المسكين يشكو من سوء أحواله المادية والراتب الهزيل الذى لا يكفى سداد فاتورة الكهرباء.. فى كل دول العالم يسبق التعليم كل شىء، لأن عقل الأمة أهم من كل الأشياء.. لا شك أن سياسة التوسع فى التعليم الخاص قضية لا خلاف عليها ولكن الأرقام تجاوزت كل الحسابات فى المدارس والجامعات ولا بد من وضع ضوابط تتسم بالعدل وتقدير ظروف الناس.. نحن أمام ظواهر جديدة فى كل جوانب الحياة ابتداء بمصاريف المدارس والجامعات، وانتهاء بفواتير الكهرباء، ومن الصعب أن يتحمل إنسان محدود الدخل كل هذه الأعباء خاصة مع ارتفاع أسعار تكاليف الحياة.. إن التعليم يجب أن يسبق كل شيء بداية من حق المدرس فى حياة كريمة، وانتهاء بمراعاة ظروف المجتمع، فلا مستقبل بلا تعليم.
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: