كان حضور محمد حسنين هيكل حضورا طاغيا وحين غاب ترك فراغا فى العقول وفى المكان وفى المشاعر ولأن هيكل لم يكن كاتبا عاديا ولم يكن مفكرا مثل كل المفكرين لهذا ترك غيابه فراغا.. وكثيرا ما نفتقد هيكل الفكر والرأى والمشورة كلما تجمعت علينا المحن والأزمات نبحث عن هيكل العقل والفكر وكلما حلت علينا عواصف الانقسامات والصراعات قلنا: أين هيكل? وكلما اختلطت الأوراق وغابت الرؤى بحثنا عن هيكل .. وكانت مواقف هيكل دائما مجالا للخلاف ولكنه كان يسمع ويحاور ويتقبل الرأى الآخر بلا عصبية أو تشدد فى زمن غابت عنه الحكمة وسادت غوغائية البشر والأشياء تبحث عن هيكل .. فى السنوات الأخيرة اقتربنا كثيرا وكانت بيننا حوارات واختلافات ومواقف وكان يسمع ويستجيب ويحاور وكانت آخر سنوات عمره هى أخصبها عطاء وسماحة وفكرا .. اختلف الناس حول مواقفه ولكن لا أحد شكك فى قدراته وثقافته وتاريخه حتى وصل إلى أن يكون أكبر الكتاب العرب قيمة وموهبة وتاريخا.. افتقد كثيرا هيكل الغائب الحاضر افتقد فكره وحكمته والعالم حولنا يخرج من مأساة إلى كارثة افتقد غياب الوعى فى كثير من المواقف التى تتطلب الصبر واليقين افتقد حواراته وكانت منبعا لطالبى المعرفة فى كل القضايا والمواقف.. تحت رعاية زوجته الفاضلة السيدة هدايت تيمور، رئيسة جائزة هيكل للصحافة، وابنائه د.على واحمد وحسن رجال الأعمال وتلاميذه ومحبيه تم توزيع الجوائز وعادت تطل علينا صورة هيكل المفكر والصحفى والصديق والإنسان الذى غاب جسدا وترك خلفه تاريخا حافلا من الأحداث والرؤى .. إذا كان هيكل قد غاب جسدا فمازال يعيش بيننا لأن الفكر الواعى لا يغيب والحكمة أينما وجدت لا تختفى .. وسوف يبقى هيكل الكاتب وصاحب الرؤى والمواقف .. بعض الناس اكبر من الغياب وهيكل لن يغيب كلما اختلت موازين الأشياء وغابت الحقيقة سوف نجد عند هيكل دائما ما يضيء العقول ويكشف الحقائق
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: