رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هل يحمل العام الدراسى الجديد .. جديدا؟

أتابع عن كثب استعدادات العام الدراسى الجديد، كلُّ بحسب مقدرته واستطاعته، لاسيما أن هناك تباينا واضحا فى أسعار المستلزمات الدراسية، ما بين الحقيبة والزى المدرسى وما شابه. كل ذلك جعلنى أعود بذاكرتى إلى الوراء وتحديدا فى سبعينيات القرن الماضى، مرحلة الدراسة الابتدائية، وكانت مرحلة الغرس، فيها أحببت المدرسة، وكان انتظار اليوم الدراسى بمثابة شغف متجدد من خلال التشوق لمشاهدة الزملاء الأعزاء، وكذلك المداومة على متابعة المدرسين الأفاضل. وأتذكر عددا غير قليل من حضراتهم حتى اليوم، ولكل منهم فضل لا يمكن نسيانه، فقد كانوا أحد أهم أسباب غرس العشق للمدرسة، فقد كانت بيت المعرفة والثقافة والتدريب، كانت تدريبا على العلم والمعرفة، وأيضا الرياضة. كانت المدرسة، مكانا نتعلم فيه، وأيضا نلهو فيه، فقد كان وقت الاستراحة «الفسحة» تقريبا ساعة وهو وقت غير قليل، يسمح بتفريغ الطاقة الكامنة لدينا، لنكمل اليوم الدراسى بمخزون من الطاقة الإيجابية الرائعة. لم نكن معنيين بأغلفة الكراسات «الجلاد» فقد كان المدرسون يقومون بدور الآباء قبل أن يكونوا مدرسين، أو معنيين بأمور أخرى غريبة تحدث فى هذه الأيام، لا داعى لسردها، يعلمها الناس، ترهق كاهل الأُسر دون داع.

أمور حولت العملية التعليمية لشكل وشكل فقط، وفرغتها من أى مضمون، إلا من رحم ربى، وهذا ما بدأ يحدث تدريجيا منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى، وظهرت منظومة التعليم الخاص، لتخف عن كاهل الدولة، وهذا غرض إيجابى ورائع. ولكن مع الوقت تحول عدد من تلك المدارس، للاهتمام بالشكل، حتى باتت المظاهر هدفا ولكنها آخذة فى النمو بشكل قد يدعو للقلق فيما هو قادم. وبنفس الإطار تغيرت أسس أخرى تربينا عليها، وباتت هناك مظاهر غريبة تستهوى بعض الناس، لاسيما الآباء الجُدد، يرون أنه من الضرورى توفير مدرسة بمواصفات معينة تليق بمكانة اجتماعية متميزة، دون النظر لقيمة تعليمية مستهدفة، فماذا تكون النتيجة المنتظرة؟

اختلفت القيم وتغيرت المعايير؛ قديما كان العيب أن تذهب لمدرسة خاصة، لأنها كانت تقبل الأقل فى الكفاءة التعليمية، هكذا كنا نراها و نحن طلبة صغار، حتى نجح صُناع المحتوى التعليمى الخاص فى إبراز قامة التعليم الخاص، لاسيما بعد زيادة عدد السكان، فأضحى وجود مدارس خاصة أمراً لا مناص منه.

ورغم أن الحاصلين على نوبل من المصريين، بدءا من الرئيس السادات، ثم الأديب نجيب محفوظ، والعالم د.أحمد زويل، وأخيرا د. البرادعى، تحصلوا على تعليمهم من المدارس الحكومية، وكانت هى السبب فى نبوغهم. إلا أن الوضع الآن مختلف، حيث تغيرت الصورة الذهنية للمدارس الحكومية العادية، بشكل جعلها تتأخر فى الترتيب من حيث الجودة وأشياء أخرى، وتصدرت المشهد التعليمى مدارس أخرى كثيرة ومتنوعة، ذات إمكانات تعليمية أفضل من حيث عدد الطلاب، وأيضا جودة المحتوى التعليمى. أيضا تغيرت المفاهيم، وباتت تأخذ منحى غير مسبوق، فالسعى لحصول الأبناء على أعلى الدرجات أمسى هدفا يسعى الجميع للوصول إليه دون النظر لآلية حدوث ذلك، باعتبار ذلك مفتاح الدخول إلى كليات القمة، التى توفر لأصحابها كل مسببات رغد العيش. باعتبار أن الأطباء على سبيل المثال هم الأعلى دخلا، وهذا حديث غير صحيح، فعدد الأطباء الأعلى دخلاً فى مجموع الأطباء نسبة قليلة مقارنة بالعدد الكلى. وليس كل الأطباء يملكون عيادات خاصة، ويتقاضون أجوراً كبيرة، وكذلك الحال مع المهندسين، وغيرهما من المهن المرتبطة بكليات القمة، والتى سُميت بهذا الاسم، نظرا لارتفاع مجموع الولوج إليها.

الآن الوضع مختلف تماما، تغيرت معايير السوق وبتنا فى حاجة لتخصصات مختلفة عما قبل، قد لا تكون مرتبطة بكليات القمة، التى بات الوصول إليها أيسر كثيرا من ذى قبل. فعندنا الآن الجامعات الحكومية، والخاصة وأخيرا الأهلية، وباتت فرص دخول كل الكليات سواء القمة أو غيرها أكثر يسرا وسلاسة من قبل، وهذا يعنى ضرورة التركيز على المحتوى التعليمى، بشكل مغاير لما سبق.

يجب أن نغرس فى أبنائنا قيمة وقامة العلم، وهذا حديث لكل الناس بمختلف ثقافاتهم، وبات علينا كقادة رأى أن نعمل على ذلك، لأنه رغم محاولات البعض لتشويه منظومة التعليم الحكومى، فإنها ما زالت محتفظة بعبق التاريخ، وما زالت قادرة على انتاج أجيال متميزة، شريطة مساعدتها فى ذلك. ولنا فى أوائل الثانوية العامة عبر ودروس. ولكى ننجح فى ذلك، علينا توعية الناس، من خلال وزارة التربية والتعليم أولا، ثم وسائل الإعلام المختلفة، إن هناك دائما فرصا واعدة لتحقيق نجاحات مبهرة، ليس فقط من خلال التعليم العام، الذى أمست فرص التحاق أبنائه بعدد كبير من الجامعات بكلياتها المختلفة أمراً أكثر يسرا كما ذكرنا سابقا، ولكن هناك فرصا واعدة من خلال العليم الفنى، باعتباره سبيلا متميزا للنهوض بأمتنا، فهو باب مهم للغاية لحياة واعدة مليئة بفرص عمل جيدة تتيح العيش بشكل متميز.

يجب أن نخطو بشكل منظم نحو ترسيخ قيم وعادات جديدة، تقوم على أن هناك تنوعا وتباينا فى أنواع التعليم، من ناحية المدخلات وكذلك المخرجات، وباتت هناك سبل كثيرة وعديدة تتيح للعديد من الأبناء، تحقيق نجاحات متفردة تمكنها من الوصول إلى ما تسمو إليه، شريطة أن يكون التعلم هو الهدف بذاته، لأن التفوق فيه مؤداه الحصول على فرصة عمل رائعة. فهل آن لأن نسعى لذلك من بداية العام الدراسى الجديد؟.

[email protected]
لمزيد من مقالات ◀ عماد رحيم

رابط دائم: