رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

دبلوماسى

يُقال دبلوماسى اسم منسوب إلى الدبلوماسية، أى موظف دبلوماسى وهو من يتولى تمثيل بلاده فى دولة أجنبية والاهتمام بشئونها الخارجية. ويُقال رجل دبلوماسى، أى لبق بارع فى التعامل مع الآخرين. ويُقال تحرك دبلوماسى، أى مبادرة سياسية يقصد بها إزالة خلاف بين دول ما. ويُقال آداب التعامل الدبلوماسى، أى القواعد والأعراف التى ليست لها قوة القانون، لكنها تسهم فى سلاسة العلاقات بين أطراف متصارعة. ويُقال دبلوماسية ثقافية أى نوع من الدبلوماسية العامة والقوة الناعمة التى تشمل تبادل الأفكار والمعلومات والفن واللغة وغيرها من جوانب الثقافة. ويُقال تسوية سياسية، أى سياسة دبلوماسية لتقدم بعض التنازلات السياسية أو المادية لقوة معادية فى سبيل تجنب النزاع وغالباً ما كان ينطبق هذا المصطلح على السياسة الخارجية لحكومات المملكة المتحدة لرؤساء الوزراء وأبرزهم تشامبرلين تجاه ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية بين عام 1935ـ 1939.

فى بداية ثلاثينيات القرن العشرين كان ينظر إلى هذه التنازلات بشكل إيجابى بسبب صدمة الحرب العالمية الأولى. ويقول المؤرخ أندرو روبرتس فى عام 2019: إن الرأى المقبول بشكل عام فى بريطانيا اليوم هو أنهم كانوا محقين بريطانيا لم تدخل الحرب لأشهر كثيرة معترفة بعدم الجاهزية لمواجهة ألمانيا بشكل مباشر فى الحرب. فقد اتبع تشامبرلين سياسة التسوية وإعادة التسليح واشتهر بذلك بسبب مفاوضاته مع هتلر حول تشيكوسلوفاكيا عام 1938.

وتعنى الدبلوماسية وهى كلمة يونانية الأصل مشتقة من اسم دبلوما Diploma المأخوذة من الفعل Diplom وكانت تعنى الوثيقة التى تصدر عن أصحاب السلطة والرؤساء السياسيين وقد استخدمها الرومان فيما بعد للإشارة إلى الوثيقة المطوية أو المكتوبة التى تطوى بشكل خاص. وتعطى بعض الامتيازات لمن يحملها مثل جواز السفر أو الاتفاقات التى كانت تعقد لترتيب العلاقات مع الجاليات أو الجماعات الأجنبية الأخرى. وقد أخذت لفظ دبلوماسية فيما بعد وحتى نهاية القرن السابع عشر إلى الأوراق والوثائق الرسمية وكيفية حفظها وتبويبها وترجمة كلماتها وحل رموزها من كتاب متخصصين أو ما يسمى أمناء المحفوظات. وأطلق على من يقوم بهذه المهمة اسم الدبلوماسى.

وأطلق على العالم المتخصص بهذا الموضوع اسم الدبلوماسية وذلك نسبة إلى الدبلومات. ولم يتم استخدام لفظ الدبلوماسية أو الدبلوماسى للإشارة إلى المعنى المتعارف عليه اليوم وهو إدارة العلاقات الدولية إلا فى نهاية القرن الثامن عشر وأصبحت كلمة Diplomacy تطلق على ممثلى الدول الأجنبية الذين يحملون كتب اعتماد من دولهم. وعرفت منذ قيام الثورة الفرنسية بمعنى التفاوض وعُرف الدبلوماسى بأنه المفاوض.

كانت جهود مصر فى التوصل لوقف إطلاق النار وفرض هدنة فى قطاع غزة منع الإنزلاق إلى حرب واسعة شاملة. هذا النجاح المصرى يعكس الوزن والثقل السياسى والدبلوماسى الذى تتمتع به مصر ودورها البارز. يجسد هذا التدخل المصرى فى إعلاء مفهوم الدبلوماسية التفاوضية والدبلوماسية السياسية. الدبلوماسية هى فن إدارة الصراعات والخلافات والاشتباكات والخروج بأقل الخسائر والتنازلات وبأكثر المكاسب دون استعلاء أو إهانات.

فى ميراث العلاقات العاطفية كانت دبلوماسية إدارة العلاقات الحميمية مهمة فى العديد من المراحل التاريخية لهذه العلاقات. فبعض من التنازلات وفن إدارة هذه العلاقات العاطفية تجعلها تدوم وتستمر بل ويزداد عمقها ونجاحها. وعندما تفتقر هذه العلاقات الحميمية فن إداراتها بدبلوماسية إدارة نوعية وأنواع هذه الحميمية، تزداد مراحل الصراع والخشونة فى العلاقة بها والعنف أحياناً. عندما تتوارى الدبلوماسية وتختفى التسويات فى كل مناحى العلاقات، ويحل محلها الصراعات والرعونة فى اتخاذ القرارات والخشونة فى التعاطى بها، تكون النهايات مأساوية.

إدارة الحب بدبلوماسية يجعله يدوم ويتطور ويحقق المراد.. وإدارة الأزمات بكل أنواعها، وإدارة التحديات التى تواجه علاقات الدول بعضها البعض بدبلوماسية أيضاً يجعل الجميع يحقق قدراً من المكاسب يقلل به عنف نتائج الصراعات..

فن التفاوض والدبلوماسية بمعناها الذى أشرنا إليه، هو أحد أهم معايير الحياة العصرية التى تنشد النهضة والتقدم. دبلوماسية العلاقات العاطفية والاجتماعية ودبلوماسية إدارة الصراعات بين الدول. صارت هى ملمح التحضر والرقى إذا رأيت فى أمة مظاهر التفاوض والحوار وإدارة الأزمات بالحوار حكمت على هذه الأمة بالرقى والتطور والحياة، وإذا رأيت فى أى أمة مظاهر الصراع والحروب والعنف فى التعاطى مع التحديات والأزمات، والخشونة والرعونة فى اتخاذ القرارات، والمساهمة فى ارتفاع درجات حرارة الالتهاب والسخونة، حكمت على هذه الأمة بالتدهور والتراجع والعودة لما قبل الدولة العصرية. وأصبحت كل المفاهيم التى ترددها نخب ومسئولى هذه الدول مثل الحرية والتسامح والسلام وما إلى ذلك كلها عبثا وكذبا وتضليلا.. وهنا تزداد ارتفاع درجات حرارة الالتهاب المجتمعى.. ومتى وصلت درجات الحرارة إلى ذروتها.. الكل يعرف ويدرك ماذا يحدث!.


لمزيد من مقالات صبرى سعيد

رابط دائم: