بالرغم من أن كل أوراق الحل بالشرق الأوسط باتت مكشوفة،ولم يعد هناك ما يخفى على أى من الأطراف، بل ولم تعد للولايات المتحدة تلك المساحة (المريحة) التى اعتادت أن تستخدمها للمناورة لدعم اقتصادها وأمنها القومي، فإن الرئيس الأمريكى بايدن وقع فى حيرة حادت به عن طريق المكاشفة والمصارحة قبيل جلوسه مع زعماء 9 دول عربية سيلتئم لقاؤهم خلال ساعات فى مدينة جدة بالسعودية.
فحين استبق بايدن جولته بالمنطقة التى تبدأ اليوم من إسرائيل، بمقال طويل نشرته صحيفة (واشنطن بوست)،وقع فى حيرة من أمره،فصحيح أنه كان يخاطب دول الخليج والعرب لكن عينه كانت مصوبة معظم الوقت نحو إرضاء ناخبى حزبه الديمقراطي،لذلك لم يلق المقال الرضاء الكامل لدى أى من الأطراف المقصودة،وفقا لشهادة معظم المراقبين السياسيين. زيادة إمدادات البترول أم ترميم العلاقات مع العرب؟ سؤال محرج واجهه بايدن منذ أن عقد العزم على زيارة المنطقة بالرغم من أنه لم يكن يمتلك نفس الحماس للزيارة منذ توليه السلطة. صحيح أن المتغيرات الجيوسياسية وعلى رأسها الحرب الأوكرانية والأزمة الاقتصادية العالمية فضلا عن الرغبة فى احتواء النفوذ الروسى والصينى والإيرانى بالمنطقة عطفا على مد جسور جديدة بين العرب وإسرائيل، جميعها تمثل أهدافا استراتيجية لزيارة بايدن، إلا أن غضه الطرف (بالمقال) عن التصريح بأهمية استجابة الحلفاء الخليجيين لمطلب واشنطن زيادة إمدادات البترول لدعم الاقتصاد الأمريكى وإنقاذ حزبه بمواجهة استحقاق انتخابى حرج وهو التجديد النصفى للكونجرس، واكتفائه بالقول إنه سيعمل خلال الزيارة على تعزيز المصالح الأمريكية المهمة، شكلت جميعها مقدمات شككت فى النوايا الحقيقية للزيارة ! لكن الأهم هو مانمتلكه نحن من أوراق الحلول لأزمات المنطقة،فيجب أن يترسخ موقف عربى موحد لا يقدم دعما مجانيا لبايدن وإدارته، فقد قطعت دول عربية رئيسية شوطا لا بأس به للخروج من عباءة أمريكا منذ اشتعال ثورات الربيع العربى وتبلور هذا الموقف فى الحرب الأوكرانية بعدم إدانة روسيا،ومطلوب مواصلة هذا التوجه ورفض سياسة الإملاءات والتأكيد على الشراكة المتوازنة مع واشنطن،وأن تكف الأخيرة عن متناقضاتها السياسية،فاحترام سيادة أوكرانيا لا يختلف عن دعم الحق المشروع للفلسطينيين وإنهاء الاحتلال.
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: