ودارت الأيام وعاد المشهد الجليل لوقفة عرفات وارتفعت الى السماء نداءات التلبية خاشعة آملة القبول من المولى عز وجل وانعقد أهم تجمع ومؤتمر للمسلمين كما رأيت دائما فى معنى من أهم معانى الحجيج يتكرر المشهد كل عام ولا يتعلم من دروسه وعبره إلا القليل... دروس ذوبان الكل فى واحد والتجرد من زينة الدنيا وشواغلها الزائلة والإحساس بآلام وأوجاع البشر والتطهر من الأخطاء والخطايا والأمل فى العودة كيوم ولدتنا أمهاتنا واستحضار سيرة ومسيرة الرسول صلوات الله عليه والصلاة فى مسجده ـ مازلت أذكر كيف دفعتنى أشواقى بعد الزيارة لأكتب مقالا بعنوان «أشواق على أشواق» واصفه أشواقى التى تضاعفت بالزيارة وتمنيت دائما ألا يقل عن أشواق الزيارة استيعاب دروسها الجليلة وأن تمتد إلى جميع جوانب حياتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وشبابيا وتربويا. فما أبعد المسافات بين دروس وعبر المشهد العظيم وبين ما وصلت إليه الإنسانية وحياة البشر من انهيارات وتراجع وفساد واستقواء للأقوى والأقدر وطغيان للمادية والأطماع والعنف والجريمة ومؤامرات وفتن وحروب غذائية ووبائية وتدمير للبيئة بقطع وحرق كل الأخضر على الأرض والحروب بالوكالة التى تديرها الإدارة الأمريكية فى أوكرانيا ضد روسيا ومدى حقيقة ما يتناثر من أخبار عما وراء الحدث الذى يقال إنه سيعقب أيام المشهد العظيم واجتماع الرئيس الامريكى فى السعودية بقادة الخليج ورؤساء مصر والعراق والأردن وما يقال عن تكوين ناتو شرق أوسطى فى القلب منه جيش الكيان الاستيطانى بادعاء مواجهة الخطر الايرانى ودون الإفصاح عما لا يحتاج إلى الافصاح عنه عن توفير المزيد من الحماية والتمكين للكيان الصهيونى واستكمال تطبيع علاقاته مع الدول العربية.
. أرجو أن ـ دروس ومبادئ المشهد والموقف العظيم فى عرفات ـ تستدعى ما لدى الأمة من عناصر قوة وكرامة وعزة وأن تستقوى وتعتصم بها وبإرادة شعوبها والتى لا يحتمل أغلبها المزيد من دواعى اشتعال غضبها ورفضها لاستشراء وتمدد الفساد وانهيارات الواقع الانسانى واستقواء الكيان الاستيطانى ودعمه بمزيد من التطبيع مع كل ما يناقض دروس وتعاليم المشهد العظيم .
◙ طبق الفتة أهم أطباق مائدة عيد الأضحى المكون من الأرز والعيش وما تيسر من اللحوم يعيدنى إلى قضية تصنيع رغيف العيش وما دعوت إليه طوال العام الماضى لإيقاف أن نكون الأوائل على قوائم مستوردى القمح وبعد النتائج الكارثية التى ترتبت على الحرب الروسية/ الأوكرانية باعتبارهما اكبر مصدرى الاقماح وما لدينا من تجارب طبقت بالفعل وأثبتت نجاحها لإنتاج هذا الرغيف من خليط من القمح والشعير والتجاهل الغريب والمدهش لتحويل انتاج هذا الرغيف إلى مشروع قومى لم يشفع لتحقيقه كل ما قدمناه موثقا من فوائد اقتصادية وإنقاذ للدخل القومى وترشيد لاستخدام المياه وعوائد صحية للإنسان والأرض والحيوان ومختلف الفوائد التى تحققها زراعة الشعير كما أثبتت فى رسالتها للدكتوراه عن «الحبة المباركة» بالمركز القومى للبحوث . د. هويدا أبو العلا .. لقد أبدى وزير التموين إعجابه بميزات رغيف القمح والشعير ومع ذلك لم يصدر قرارا بإنتاجه وتعميمه وتعميم الفوائد التى يحققها وتستطيع أن تحل جميع المشكلات التى مازال يواجهها رغيف العيش وارتفاع أسعاره، كذلك كان رغيف القمح والشعير محل تقدير وزير الزراعة الذى أعلن توزيع أجود سلالات الشعير على الفلاحين فى المناطق الصحراوية والتى حقق سقوط الامطار نتائج رائعة فى حصاد الشعير بمرسى مطروح .. هل هناك من يفضل مصلحة مستوردى القمح على ما يجنيه المصريون من مكاسب صحية واقتصادية ودعم للأمن القومى الذى يحققه إنتاج العيش من خليط القمح والشعير؟!
◙ وبدلا من أن يأتينا الرد الذى انتظره معى الملايين من المصريين الخائفين على بلدهم وآثار الظروف الصعبة لما يحدث فى العالم وعدم الاعتماد على الذات ظهر أن هناك عالما آخر يجاهد منذ سنوات لإنتاج رغيف البطاطا وأوضح رئيس شعبة المخابز أن إضافة دقيق البطاطا لمكونات رغيف العيش ستقلل تكلفة إنتاج الرغيف فى ظل ارتفاع أسعار القمح بنسبة تتراوح بين 10و20% وستحددها وزارة التموين. ووفق تصريح سابق قال وزير التموين إنه جار دراسة طحن البطاطا واستخدام دقيقها فى الخبز المدعم وأن هذا النظام ممكن ان يوفر مليون طن قمح مستورد وأنه ستضاف أنواع من البطاطا لا تحتوى على السكر وأنه فى السنوات الماضية أضيف دقيق الذرة والشعير إلى مكونات الرغيف لتقليل تكلفته. وكما يقول رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية أن تكلفة رغيف الخبز المدعم من دقيق القمح وصلت الى 80 قرشا ويباع بنحو خمسة قروش وإن تجربة ادخال دقيق البطاطا ضمن مكونات رغيف العيش فى محافظة الوادى الجديد لاقت استحسانا .
◙ وإذا كان هناك تساؤلات أو مخاوف من انتاج رغيف البطاطا فهذا يعنى أن المؤسسات المسئولة عن تطوير وإنتاج الرغيف لم تقدم المعلومات الكافية عنه وأن الأمر يحتاج رأى متخصصين يوضحون الفروق التى ستتحقق للأمن القومى والصحى والغذائى فيما يضاف للرغيف والفرق بين إضافة الشعير والبطاطا وتكلفة تصنيع البطاطا وتجفيفها وان نجد إجابة للسؤال الأهم ماذا يعطل ويعرقل تنفيذ ما لدى علمائنا من مشروعات للانقاذ فى رغيف العيش .. وفى أمور الحياة كلها ؟! وسأظل أؤكد أن فقرنا الحقيقى فقر إرادة وفقر ادارة لكنوز هذا الوطن. ومن قبل ومن بعد كل أضحى وأنتم بخير .
لمزيد من مقالات سكينة فؤاد رابط دائم: