رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحوار الوطنى.. ضرورة حتمية

جاءت الدعوة للحوار الوطنى فى الوقت المناسب تماما. فقد تأكدت أن مهمة المشاركين تبادل الآراء وليس فرضها. مع التركيز بشكل خاص على مستقبل الدولة المصرية الراهنة. قال سعيد عبد الحافظ رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، إن دعوة الرئيس للحوار الوطنى جاءت فى موعدها وسياقها الطبيعى، فى ظل أزمات دولية تتفاقم نتيجة الصراع على الموارد النفطية، إضافة الى الحرب الروسية الأوكرانية، وجميعها تؤثر على مصر باعتبارها جزءا مهما وأساسيا من النظام العالمى.

إن ضمانات نجاح الحوار تتلخص فى علانية الجلسات، والتغطية الإعلامية للمناقشات وردود الأفعال وتعليقات المشاركين والخبراء. ومؤكد أن المجتمع المدنى شريك للمؤسسات الرسمية فى التنمية. وفى حالة تخليه عن هذا الدور فإنه يصبح مثل الطائر الذى يشذ ويخرج عن إجماع السرب، كما أن تحسين حياة المواطنين لن يأتى بالضغوط الخارجية ولا باستعداء السفارات ولا البعثات الدبلوماسية، ولكن بتقديم النصيحة المخلصة لمؤسسات الدولة ومتابعة تنفيذها لوعودها فى هذا الشأن. لابد من البدء من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار أنها أتت فى موعدها بسبب ما يشهده العالم من أزمات، فضلا عن الصراعات والحروب على الموارد النفطية والغاز وتفشى الجوائح، إضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية التى تُنبئ بأن ثمة نظاما عالميا جديدا على وشك التشكل.

كل هذه الأسباب وفى القلب منها الأزمة الاقتصادية العالمية ليست بمعزل عن مصر. نظرا لدورها الإقليمى والمحورى. لذلك هناك فرصة عظيمة من خلال الحوار الوطنى للتوافق على آليات الحفاظ على الدولة المصرية وضمان تخفيف آثار تلك التداعيات على مصر وشعبها. السبب فى ذلك أن الحركة الحقوقية كانت تعانى انقساما شديدا منذ ثورة يناير 2011، وجرى استقطاب جزء كبير من هيكلها فى عمليات التناحر السياسى التى شهدتها تلك الفترة. كما أن الظروف الاستثنائية التى مرت بها مصر عقب ثورة يناير وما تلاها انعكست سلبا على العلاقة بين المنظمات الحقوقية ومؤسسات الدولة. لذلك نرى أن الحوار الوطنى فرصة للحركة الحقوقية لتُعبر عن نفسها وتقترح الحلول للتحديات التى تواجه مصر من منظور حقوقى باعتبار المرجعية الحقوقية فى جوهرها محايدة وغير منحازة سوى لمصلحة المواطن وحقوقه وحرياته. إن الرؤية الوطنية الصادرة للحوار الوطنى تتلخص فى أنه يجب أن يؤمن جميع الأطراف بأنه حوار وليس مساومة. وأننا جميعا مدعوون لطرح الأفكار حول مستقبل مصر. وأن مهمتنا هى تبادل الآراء وليس فرضها. وأن نضع مستقبل المواطن المصرى والدولة المصرية نصب أعيننا بعيدا عن السعى للحصول على مكاسب سريعة وضيقة. ونعتزم تأكيد أهمية المكون الحقوقى وأن يكون حاضرا على أجندة الحوار الوطنى لأننا نعتقد أن المكون الحقوقى هو مكون صالح لجميع المواطنين. ويحقق حياة كريمة ويُسهم فى تحسين جودة حياة المواطنين السياسية والاجتماعية بتجرد تام. دون الانحياز لأفكار أو أيديولوجيات بعينها. لأن الأفكار الحقوقية تستهدف الإنسان فى المقام الأول. فى هذا الإطار مطلوب تقديم رؤية وطنية بشأن الحبس الاحتياطى وبعض التعديلات التشريعية ذات الصلة المباشرة بقضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية.

وفيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية لابد من طرح قضية تغير المناخ وأثره على الصحة العامة للمواطنين فى مصر. ونعتبره من أهم القضايا التى يجب على الدولة المصرية وضع استراتيجية محددة لها. خاصة أن هناك مؤتمرا دوليا للمناخ خلال الفترة المقبلة.

نجاح الحوار فرض عين. لذلك لابد من تحققه لأنه فرصة قد لا تأتى بعدها فرص أخرى. إن نجاح هذا الحوار يتطلب ضرورة أن يذهب الجميع إليه، بمنطق أننا نريد أن نحقق توافقا عاما لا أن نتناحر. أما الأمر الثانى فهو ضرورة علانية جلسات الحوار حتى يتسم بالشفافية ويتسنى لجميع المواطنين الاطلاع على ما يدور من مناقشات. لذلك يجب أن تكون هناك تغطية صحفية وإعلامية موسعة لوقائع الجلسات وما يدور من مناقشات، بحيث تزيد معرفة المتابعين والمواطنين لما يدور فى هذا الحوار. والأهم من هذا كله أن تحدد الأطراف المشاركة الأولويات والقضايا المهمة. ويجب أن نستثمر وقت الحوار فى تحديد أولوياتنا كدولة تمر بظروف استثنائية باعتبارنا جزءا من النظام العالمى. وأن نحدد القضايا الأهم والقضايا المهمة. وألا تكون القضايا التى تتم إثارتها يمكن إثارتها فى أماكن الحوار المعتادة كالبرلمان والمؤسسات النقابية وعلى صفحات الجرائد. يجب أن تكون القضايا التى تثار فى الحوار الوطنى قضايا تليق بالأطراف المشاركة.

إن المجتمع المدنى عماد مهم من أعمدة جمهورية السيسى. ولذلك فهو يحتاج لمنظمات بفكر جديد، تتخلى فيه عن الأفكار والمفاهيم السلبية التى اتسم بها المجتمع المدنى. ومن الشللية والتحيز وعدم المهنية والبحث الأعمى عن التمويل والمنح وطرح قضايا لا تهم المواطن المصرى. ولا تُعبر تعبيرا حقيقيا عن مشكلاته. ويجب ألا ننسى أن فلسفة المجتمع المدنى تقوم على أنه شريك للدولة فى التنمية. وهو فكر معمول به فى أى دولة وليس فى مصر فقط. هو شريك للدولة فى عملية التنمية بمختلف أنواعها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ويلزم أن تتمتع منظمات المجتمع المدنى بهياكل إدارية متماسكة ومستقلة تتسم بالحوكمة. تضمن الشفافية والمحاسبة. وأن تُعبِّر أنشطته عن المصلحة المباشرة للمواطن المصرى، وليس المصلحة المباشرة للجهة المانحة أو الممول. ودور المجتمع المدنى هو أن يكون الوسيط الأمين بين الدولة بمؤسساتها والمواطن. وتتم المحاولة بقدر الإمكان من خبرات متراكمة للمساعدة فى تحقيق التنمية الشاملة.


لمزيد من مقالات يوسف القعيد

رابط دائم: