رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الرؤية العربية الموحدة بين مصر وسلطنة عُمان

لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع شقيقه السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، جاء فى مرحلة دقيقة يسعى فيها الرئيس السيسى مع أشقائه الزعماء العرب إلى بلورة رؤية مشتركة تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية، بما يعزز الأمن القومى العربى، وتكون كل دولة لها سند قوى فى أى أزمة أو أمام أى محفل دولى، كما ترمى الرؤية المشتركة إلى تعزيز مكانة كل دولة، مستفيدة ومستندة إلى القدرات العربية الكبيرة، وتمهيد الطريق نحو الوصول إلى العمل العربى المشترك فى مختلف المجالات، وتوظيف الطاقات العربية من أجل الارتقاء بالمنطقة وحماية أمنها وسلامتها، من خلال تعزيز العلاقات وتوحيد الرؤى والأهداف، بما يجعل للموقف العربى تأثيره على الساحتين الإقليمية والدولية.

إن الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى سلطنة عمان، جاءت فى وقت مهم للغاية، ولقاء الرئيس مع أخيه السلطان هيثم بن طارق من أهم اللقاءات، وكانت الحفاوة الكبيرة فى استقبال الرئيس السيسى تجسيدا لتلك العلاقة القوية الراسخة على تراث طويل من التقارب والمحبة، حيث العلاقات القوية والمتميزة بين البلدين، والسمات المشتركة الكثيرة التى تجمع بينهما، وانطلاق سياستى البلدين من توافق كبير حول الكثير من الأزمات والمشكلات، وسعى الزعيمين إلى جمع الشمل العربى، والوصول إلى توافقات أوسع، واحتواء أى خلافات يمكن أن تهدر الطاقات العربية، ويستغلها من يسعون إلى التدخل فى الشئون العربية، من أجل تحويلها إلى شقاق، ومنه يمكن أن تزداد التدخلات، وتغذى الخلافات، وندور فى دائرة مفرغة، تعرقل مسيرة التنمية العربية.

إن اللقاءات المتتالية للرئيس عبدالفتاح السيسى التى جمعته مع عدد كبير من الزعماء العرب خلال الأسابيع الأخيرة تؤكد تلك المساعى المصرية نحو المزيد من تقارب الرؤى بين الأشقاء، وفى القلب منها تعزيز التعاون الاقتصادى والأمنى، فبدون اقتصاد قوى ومتماسك تصبح البلدان عرضة للهزات، والبلدان العربية تمتلك مقومات قوة اقتصادية كبيرة للغاية، يمكن أن تجعلها أكثر قوة وتأثيرا إذا ما تكاملت، بما يعزز المصالح المشتركة، ويقلل من الاعتماد على الخارج، والحد من آثاره السلبية، تلك الرؤية التى عبر عنها الرئيس السيسى فى العديد من المحافل العربية وخلال لقاءاته وعرض رؤيته نحو عالم عربى متقدم ومتكامل، قادر على مجابهة تحديات العصر، ولهذا كان لمصر دور فاعل فى بناء تجمعات عربية، تسعى إلى تعزيز التكامل وإنشاء المشروعات الكبرى المشتركة، خاصة أن لدى العرب الكثير جدا من عوامل التقدم، على رأسها توافر رءوس الأموال والعمالة الماهرة وسوق كبيرة، وتنوع فى الثروات الطبيعية، وموقع جغرافى متميز يربط الشرق والغرب ويحتل قلب العالم، ويجمع بين أبنائه تاريخ طويل ولغة واحدة وعقيدة واحدة.


ومن هنا تأتى أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى سلطنة عمان، فكل من القاهرة ومسقط تبذلان جهدا كبيرا من أجل توحيد الصف العربى، وتنقية الأجواء من مخلفات العشرية الماضية، التى شهدت فيها بلدان المنطقة أخطر التحديات فى تاريخها الحديث، بدءا من أحداث «الربيع العربى» وما تلاها من موجات إرهابية، أصابت الكثير من البلدان بالتصدعات والحروب، وأثارت الفتن والانقسامات، وانتهت عشرية المعاناة بتفشى جائحة كورونا، وما تبعها من حالات إغلاق وأزمات اقتصادية، لتأتى بعدها الحرب الروسية ــ الأوكرانية والتى زادت من حدة الأزمات الاقتصادية والتوترات الدولية، وتحمل مخاطر أشد جسامة، ما لم يتم نزع فتيل الحرب القابلة للتوسع.

لقد قيل الكثير عن زيارة الرئيس الأمريكى بايدن إلى المنطقة، بعضه تكهنات والآخر غير دقيق، أو يستند إلى تصريحات مجتزأة أو تخمينات لصحف أجنبية، وتذكرنى تلك الأقوال والتكهنات بما أشيع من قبل عن صفقة القرن، التى تبين أن معظمها لم يستند إلى حقائق، وإنما لتصريحات مجتزأة، تحولت فى ذهن البعض إلى مخططات جاهزة جرى تضخيمها، وكنت قد قرأت أخبارا ومقالات وشاهدت على القنوات الفضائية برامج وحوارات عن خطط تفصيلية وبالأرقام عن تلك الصفقة المزعومة، وكأنها حقائق دامغة لا تقبل الشك، وتبين أنها محض اجتهادات أو أقوال مرسلة، وهذا يتكرر الآن عن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكى والقادة العرب، الذى أعتقد أنه سيكون فرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة دولة عظمى لها تأثيرها الكبير ومصالحها الخاصة ورؤيتها للقضايا الإقليمية والدولية، والحوار معها له الكثير من الفوائد، ويمكن أن تتقاطع مصالحنا معها فى بعض القضايا، والوصول معها إلى عدد من التفاهمات المشتركة، ولهذا لابد من وجود رؤية عربية موحدة حول تلك القضايا موضع المباحثات، تستند إلى المصالح العربية.

يأتى تفاؤلى من قدرة منطقتنا العربية على اجتياز تلك الأزمات إلى التقارب العربى الذى يزداد متانة، والتشاور الذى يبلور الرؤية المشتركة، والتعاون الذى يزداد قوة، والسعى إلى استغلال الثروات العربية فى الاستثمار داخل بلداننا فى مشروعات مشتركة قومية طموح، ستعزز قوتنا واستقلالنا وترسم ملامح مشروع عربى نهضوى حديث، سيضع البلدان العربية فى مكانة تناسب قدراتها وحجمها.

إن التماسك الداخلى بين الشعب المصرى باختلاف فئاته وآرائه خلال الأزمة الراهنة يؤكد قدرتنا على تخطى الصعاب وإيجاد الحلول، وتعزيز ثقتنا وقدرتنا على الإنتاج والتنمية فى أصعب الظروف، وجاء الحوار الوطنى ليؤكد وعينا وإرادتنا الجمعية بأهمية التماسك الاجتماعى واقتسام أعباء الأزمات بكل رضا وشجاعة، وكذلك فإن التماسك العربى يسهم إلى حد كبير فى الشعور بالأمان، فى ظل روح الأخوة والمصير المشترك، بما يعزز قدراتنا على اجتياز أى تحديات، فى ظل قيادات عربية واعية بحجم المخاطر والتحديات، وقادرة على توظيف الطاقات بما يخدم شعوب أمتنا، ولهذا يمضى التشاور العربى حول تلك التحديات ليضع خارطة طريق نحو الأمان والمستقبل المزدهر.


لمزيد من مقالات بقلم ــ عـــلاء ثابت

رابط دائم: