رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

المصريون بين العبقرية والإهدار

عنوان هذا المقال عمره يتجاوز ربما أكثر من ربع قرن وأردت ان ألخص به ما كانت مصر تعيشه وتعانيه وبعد ان حولها متآمرون من سلة غذاء العالم القديم إلى الأولى على قوائم مستورديه, وبعد أن كشفت ووثقت ما يتوفر لها من إمكانات الاستغناء والاعتماد على عطاء أرضها وفلاحيها وعلمائها، وبين إهدار هذه المقومات فى جميع محاصيلها الإستراتيجية خاصة القمح ـ وقدمت وأثبت كيف كان الغذاء من أهم عوامل الصحة واللياقة العقلية والبدنية ومكنتهم من بناء أول وأعظم حضارة قديمة... وعبقرية ما يمتلك المصريون فى جميع مقومات الحياة وفى مقدمتها الغذاء وبين جنون الإهدار والتبديد الأكبر فى تاريخ مصر الحديث وهى استبدال زراعة الخير الأخضر بالبناء بالطوب الأحمر واصلت الكتابة... وفى 13/6/2022 وأثناء افتتاح الرئيس المجمع المتكامل للإنتاج الحيوانى والألبان وما أعلنه وزير التموين من توفر مخزون يكفى ستة شهور وما نحتاج إليه من العملة الصعبة لاستيراد ما ينقصنا... عادت أصداء نداءاتى القديمة تتردد فى نفسى ويلح على سؤال مهم هل كان يجب ان ننتظر أزمات عالمية لنفعل ما لدينا من إمكانات طبيعية وبشرية للإنقاذ؟!. وبين ما استمعت إليه من انجازات فى الاحتفالية كنت أتمنى على من تحدث من مسئولى المراكز البحثية خاصة أكاديمية البحث العلمى وبما أعرفه من انجازات علمية تمتلئ بها الأكاديمية ومراكز أبحاثنا وجامعاتنا أن يطرحوا بأمانة المشكلات التى يواجهها البحث العلمى والباحثون والعلماء.. الذين أعادت كلماتهم فى الاحتفالية تذكيرى بالأحداث التى جعلتنى أختار لها عنوان: «المصريون بين العبقرية وجنون الإهدار», خاصة بعد ما حدث من تحولات مؤسفة فى صلاحية الأرض الخصبة ومساحتها وشح المياه وتغيرات مناخية وصراعات سياسية حولت الغذاء إلى واحد من أهم أسلحة الحروب الجديدة ... أحداث ومتغيرات تفرض أن يكون من أهم مقومات بناء الدولة الجديدة التى نتطلع إليها تغيير مناهج العمل وموازين القوى القادرة على ترشيد إدارة موارد الدولة وفى مقدمتها استرداد العقول المبدعة والمفكرة مكانتها، وأن يكون نقد وتصحيح أداء مؤسسات الدولة وكشف الأخطاء والتقصير حقا وقانونا ملزما يفرض محاسبة من يخرج عليه. ورغم إلحاحى وتوثيقى بالأبحاث والدراسات النظرية والتطبيقية لمجموعة من أهم الباحثين وعلماء الزراعة والمياه فى مراكز أبحاثنا وجامعاتنا وما كتبه كتاب غيرى يشارك فى دعم وتأكيد قدراتنا الذاتية وكثير مما جاء فى هذه المقالات يبدو كأنه تتناول ما نعيشه الآن ـ حدث ذلك قبل صدور أوامر عليا فى العهد السابق بإيقاف ما اكتبه فى ملف القمح.. تلك الحملة التى كانت فى رأيهم تسيء لوجه مصر! وقد سارعت قبل تنفيذ إغلاق الملف بإيصال الرسالة إلى القراء ليعرفوا لماذا سأضطر لإيقاف دعوتى للاقتراب من حدود الاكتفاء الذاتى والتى أثبت العلم إمكانية تحققها.. وقوبلت دعوة الإغلاق بغضب عظيم من القراء باعتبارها حملة ودعوة تتعلق بمصير واستقرار مصر وكان من أبلغ الردود الغاضبة والرافضة ما أرسله لى أستاذ القانون وعالمه الجليل وعضو محكمة العدل الدولية بلاهاى, الراحل .د. فؤاد عبد المنعم رياض ... وهذه بعض سطور اقتطعتها من رده: ليس من حقك طرح هذا السؤال لأنك فى سعيك للبحث عن مستقبل وحماية الجماعة المصرية تنوبين عن المجتمع لصدقك وشجاعتك فى مواجهة كبار المسئولين لذلك يجب أن تصمدى الى أن تتحققى أن الأمور فى أيد واعية تثبتها النتائج وليس قبل أن ترى هذه النتائج.. وحذر رياض من إيقاف حملة القمح ومن تحقيق النتائج التى أرادت الدعوة أن تحققها قبل أكثر من ربع قرن لولا ان عصفت بها القرارات الجائرة...

◙ وكانت جامعة أسيوط أول جامعة مصرية ـــ إن لم تخنى الذاكرة ـــ تتنبه إلى ضرورة الخروج للصحراء وزراعتها وحقق بها نتائج رائعة د. السيد محمود شلبى من خلال مشروع استخدام وسائل الرى الحديثة فى إنتاج القمح والشعير بصحراء جنوب الوادى وحذر مبكرا وفى تسعينيات القرن الماضى من الزيادة المتوقعة للاستيراد نتيجة زيادة حجم الاستهلاك المحلى، لمواجهة الزيادة السكانية وابرز .د. شلبى ميزات القمح والشعير الذى يزرع فى الصحراء وكيف تتميز هذه الأصناف بقدرة إنتاجية فائقة وقيمة غذائية عالية وتنتج مواد تدخل فى العديد من الصناعات الغذائية التى تستورد من الخارج وتضاعف أعباء الميزان التجارى للدولة وكما تم إيقاف الدعوة لزراعة القمح بعد أن تحولت إلى أمل ومشروع قومى يحلم به ملايين المصريين أوقفت ودمرت ووأدت جميع المحاولات والمشروعات التى قام بها علماء وأساتذة زراعة وباحثون تنفيذا للدعوة القومية ورغم ما حققته جميع هذه المشروعات من نجاحات, أوقف ومنع عنها ما كانت تحتاجه من تمويل لتحقيق أهدافها وكان من بينها مشروع جامعة أسيوط الذى كتب لى عنه وعن نتائجه الرائعة وعما استحدث من مقومات حديثة لزراعة الصحراء.

◙ واذا كنا اليوم نسعى لتحقيق ما كان يمكن ان يتحقق قبل أكثر من ربع قرن ومع محاولات الإحياء والإنقاذ ندفع فروق تكلفة الزمن والعملة الصعبة وتراجع وإهدار مقومات الأرض والرى, ومع ذلك فمازال الخير الكثير فى الأبحاث الجديدة الذى تستطيع ان تقدمه علوم علمائنا وخبرائنا وأرجو ان يكون من علامات الاحياء لقوة مصر الزراعية وفى جميع المجالات التعلم من دروس الفشل والاعتراف بأن التضخم ليس مستوردا فقط من الأزمات العالمية ولكن من الممارسات التى تستعلى على الحق والعلم والقدرات والخبرات الذاتية وتصادر حق التقويم والنقد والتصحيح من القادرين عليه.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: