يبدو أن رهان روسيا على أن طول أمد الحرب الأوكرانية سيؤتى ثماره لموسكو، حتى الآن رهان صائب، بدليل انفتاح الجبهات السياسية كل يوم فى وجه أوكرانيا من جانب حلفائها، وكان آخرهم الحليف الأكبر الولايات المتحدة.
فجراح الاقتصاد العالمى النازفة بفعل الحرب، وتحولها إلى أزمة غذاء قابلة للانفجار فى أى وقت ما دامت الآلة العسكرية دائرة، فضلا عن الضغوط القوية على مفاصل الاقتصاد الأمريكى على وجه الخصوص، كانت جميعها مثيرات وراء انفلات أعصاب الرئيس الأمريكى بايدن ضد نظيره الأوكرانى زيلينسكى.
ففى لحظة صدق مع النفس، قال بايدن قبل أيام إن الرئيس الأوكرانى (لم يرغب فى سماع تحذيرات الولايات المتحدة بشأن العملية الروسية التى كانت تلوح فى الأفق)، واستدرك الرئيس الأمريكى موجها اللوم إلى زيلينسكى وآخرين دون تسميتهم قائلا: ظن كثير من الناس أننى أبالغ، عندما تحدثت عن هجوم روسى على أوكرانيا قبل أن يبدأ!
ووفقا لمقولة (اللهم اكفنى شرّ أصدقائى، أما أعدائى فأنا كفيل بهم) فإن المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية مضطر لمراقبة ما يثار من تحولات من جانب الحلفاء للرد عليها بدلا من التركيز الأكبر على مواقف الخصم الروسى، لهذا رد المتحدث الأوكرانى بحدة على بايدن قائلا إن زيلينسكى والرئيس الأمريكى أجريا عدة محادثات هاتفية قبل العملية الروسية، مستدركا (أن شركاءنا هم من لم يرغبوا فى سماعنا)!
وبنفس النسق، تتعرض العلاقات الفرنسية - الأوكرانية لما يشبه المطبات الهوائية أو سوء التفاهم بشكل متكرر منذ اندلاع الحرب، فبعد تجاوز أزمة الاتهامات الأوكرانية للرئيس الفرنسى ماكرون (الرئيس الحالى للاتحاد الأوروبي) لعدم زيارته كييف بعد اندلاع الحرب، بالرغم من الدعم الفرنسى الهائل، سياسيا وعسكريا لأوكرانيا، إلا أن ماكرون وجد نفسه من جديد فى قلب عاصفة أوكرانية غاضبة من تصريحه بأنه من الضرورى ألا تتعرض روسيا للإذلال بسبب الحرب، بالرغم من تأكيده أن الرئيس الروسى ارتكب (خطأ جوهريا).
الواقع يشى أن أوكرانيا تبدو وكأنها تتحسس كل ما ينضح من أرض الحلفاء، فالعمليات العسكرية فى ذروتها، ومطلوب من الأصدقاء المواقف الواضحة، دون مهادنة أو أعذار، والويل كل الويل من النيران الصديقة!
[email protected]لمزيد من مقالات شريف عابدين رابط دائم: