رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

مؤتمر مركز سلام.. رؤية إستراتيجية

فى إطار جهادنا المتواصل فى سبيل خدمة الوطن والذود عنه ضد الأفكار المتطرفة والموجات الإرهابية، كان تأسيس مركز سلام لدراسات التطرف ومحاربة الإرهاب التابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ودار الإفتاء المصرية والذى ينعقد مؤتمره العالمى الأول بعد أيام تحت عنوان (التَّطرُّف الدينى، المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة) وهو حلقةٌ مهمة فى سلسلة جهودنا ومحاربتنا للفكر المتطرِّف والإرهاب وقد أوكلت لهذا المركز مهمة رصد مقولات التَّطرف، وتتبع ظواهره وأسبابه وآثاره بصورةٍ مستوفاة من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فهو يعمل على تحليل ما يتمُّ رصده بخطوات علمية تصل إلى مرحلة تفكيك مقولات هذا الفكر واستئصال جذوره التى أثرت سلبيا على أفكار بعض الناس وألقت بهم إلى مهاوى العنف ومحاربة المجتمع والدولة.

ومن المأمول أن يضع المؤتمر رؤية شاملةً لمحاربة التطرُّف، وذلك بخطط عمل واضحة، ومبادرات ودراسات أكاديمية صالحة لأن تكون مرجعيَّة حقيقية فى مكافحة التطرف والإرهاب، بما يتفق مع فلسفة الدَّولة المصرية التى نادى بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وهو يقود مصر فى هذه الظروف العصيبة ويعبر بها نحو التقدم والرقى. وجاء مركز (سَلام لدراسات التطرُّف) ليكلِّل هذه الجهود من خلال هذا المؤتمر الذى نسعى بحول من الله تعالى أن يكون على مستوى الحدث ومواكبا لواقع أمِّتنا العربية والإسلامية وما يجابهها من خطر التطرف وبما يلبى حاجتها ويحقق آمال الجماهير العربية والإسلامية فى مؤسساتها الدينية، وذلك من خلال طرح عدَّة محاور للنقاش بين السادة المفتين والعلماء والباحثين والمتخصصين فى الحرب ضد الإرهاب، بما يجعلنا نوفِّق بين الجانب التنظيرى والتطبيقى فى آنٍ واحد، وهو أدعى لتحقيق الثمرة المرجوَّة، والوصول للنتائج الطيبة.

ومن الأطروحات المهمة التى يناقشها المؤتمر منطلقات التطرُّف وذلك فى مقارنة بين حاضر هذه المنطلقات وماضيها، كذلك الثابت منها والمتغير، حتى يستفيد منه المسلمون عامَّة، والعلماء وطلاب العلم والمتخصصون فى مواجهة التطرُّف والإرهاب خاصة، بما يمكننا من إبراز جهود الأئمة الأكابر فى مجابهة الفكر المتطرِّف، وذلك إبراز المشتركات الثابتة بين فكر الخوارج القدامى والجدد، مع دراسة ما ينفرد به خوارج العصر الجدد من منطلقات وأفكار، حتى يسلَّط عليها الضوءُ، وتنالَ ما تستحقه من الدراسة الوافية، والمعالجة تنظيرًا وتطبيقًا.

ومن أهداف المؤتمر تفعيل آليَّات تجديد الخطاب الدينى، وإبراز أهميَّته فى مجابهة التطرُّف، فتجديد الخطاب بما يتفق مع واقعنا المعاصر الذى نعيشه ونحياه- جزءٌ لا يتجزَّأ فى حسم المواجهة بيننا وبين التطرف، بل هو وسيلة لحماية أبنائنا وبناتنا فى الأجيال الحالية والقادمة من ويلاته.

والمؤتمر يعمل على جمع ما تراكم فى السنوات الماضية من تجارب وخبرات للأفراد والمؤسسات والتى تكوَّنت من واقع المواجهة الفكرية عبر السنين الماضية ويعمل على تنسيق الجهود المشتركة فى هذا الصدد.. ولا شك أن مصر صنعت نموذجا فريدا يجمع بين الفكرى والأمنى ، وقد قدمت الدَّولة المصرية شهداء أبرار من خيرة أبنائها الأبطال من جنود الشرطة والجيش البواسل الذين بذلوا دماءهم فى سبيل الله والوطن.

وقد أصدرنا بحمد الله تعالى فى دار الإفتاء المصرية ومن خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم على مدى هذه السَّنوات عددا من الإصدارات والموسوعات العلميَّة المتخصِّصة فى إبراز عوار هذا الفكر المتطرف وتفنيده وكذلك فى تصحيح المفاهيم من خلال مجابهة التطرف على منصات التواصل الاجتماعى (السوشيال ميديا)، والذى قام بهذا الجهد ثلة من المتخصصين على أتم وجه.

هذا وقد أولتْ دار الإفتاء المصرية لمنصات التَّواصل الاجتماعى اهتمامًا بالغًا فى ظل صيرورتها عنصرًا فعالًا فى عالمنا المعاصر، وأيضًا فى اتخاذ المتطرفين من هذه المنصَّات محطات لبثِّ سمومهم وضلالهم على المسلمين، فكان لزامًا علينا أن نكثف الجهود لمواكبة هذه التغيُّرات المتلاحقة، والتَّعامل مع ذلك بما يليق به؛ بما يحقق الثمرة المرجوة منه. ولأجل أهمية العالم الرقمى فى محاربة التطرف والإرهاب، ولأجل القيام بواجبنا تجاه أمتنا فى هذا الشأن كان إطلاق الموقع الرسمى للمركز، وإطلاق تطبيق منارات الالكترونى لمكافحة التطرُّف، وإطلاق الذاكرة الرصدية للتطرف، ليكون كل ذلك قوة داعمة فى العالم الرقمى، بما يتوافق أيضًا مع التوجه العام من الاهتمام بالرقمنة فى الدولة المصرية والجمهورية الجديدة التى يقودها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى حفظه الله. هذا ويعرض المؤتمر لتصور الدَّولة الحديثة عند المتطرِّفين، مفهومها وأركانها وشكلها، مع نقد ذلك فى ضوء نصوص الشرع الشريف، وكلام الفقهاء والعلماء المعتبرين، بما يعد تفعيلًا حقيقيًّا لدور المؤتمر فى مجابهة الفكر المتطرف.

لقد أتى هذا المؤتمر وهو الأول من نوعه بعد زيارة ناجحة قمنا بها إلى المملكة المتحدة، عرضنا فيها موقفَ الإسلام الصحيح تجاه التطرُّف والإرهاب المنسوب زورًا إليه، فى تأكيد واضح للعالمين على رسالة الإسلام فى ترسيخه قيم السَّلام والتسامح والتعايش بين الشعوب والحضارات، وأن يدنا على المستوى المؤسَّسى ممدودة لتبادل خبرات وتجارب الدول، بما هو أدعى لوأد التطرف والحركات الإرهابية مبكرًا، ولتحقيق رسالة الإسلام التى نشرها النبى صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة المنورة فيما أخرجه الترمذى من حديث عبد الله بن سلام رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام.

وفقنا الله تعالى لما يحبه ويرضاه لخدمة ديننا ووطننا.


لمزيد من مقالات د. شوقى علام

رابط دائم: