رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أيام الدولار الأخيرة

فى يونيو من عام 2020، أطلق الخبير الامريكى الكبير ستيفن روتش، صيحته المدوية: «الدولار فى خطر»، ليفسح بصرخته، وهو الذى شغل لفترة طويلة، موقع كبير الاقتصاديين فى مؤسسة «مورجان ستانلي»، المجال واسعا أمام عشرات من الدراسات الاقتصادية الحديثة، التى تبشر بنهاية فترة ما يعرف بالهيمنة الامريكية على مقدرات الاقتصاد العالمى، وصعود قوى اقتصادية جديدة مثل الصين والهند، وحتى جنوب إفريقيا والبرازيل والأرجنتين.

وقبل نحو عامين، والحديث لا ينقطع فى العديد من دوائر المال والأعمال، فى كثير من بلدان العالم، حول نهاية وشيكة لتلك الحقبة التى هيمنت فيها العملة الامريكية، على مجريات حركة الاقتصاد العالمى، وما قد يترتب عليه ذلك من انهيار عظيم متوقع، للنظام النقدى الدولى، الذى تم الاتفاق عليه منتصف الاربعينيات فى برايتون وودز، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وما أسفر عنه هذا الاتفاق، من بروز الاقتصاد الامريكى كقوة محركة وفاعلة للاقتصاد العالمى.

ويقول محللون اقتصاديون إن العالم أصبح مؤهلا بالفعل، بعد أن تضع الحرب الروسية الاوكرانية أوزارها، لميلاد اتفاقيات اقتصادية ونقدية جديدة، لا تعترف بالدولار، ولا تعيره التفاتا، وأن الذهب الروسى والصينى، قادر على تغيير المعادلة، استنادا على ما تملكه الدولتان، من مخزون ضخم، فروسيا تصنف باعتبارها أكبر منتج ومشتر للذهب حول العالم، بينما الصين تأتى خلفها مباشرة فى المركز الثانى، فما الذى يمكن أن يمنع موسكو وبكين إذن، من تأسيس نظام نقدى جديد، خارج عن سيطرة الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب فى اوكرانيا؟.

وتعترف صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فى تقرير مثير لها، بأن العقوبات التى فرضتها واشنطن على موسكو، واستولت بمقتضاها الحكومة الأمريكية، على احتياطيات الدولار للبنك المركزى الروسى، بقدر ما أظهرت قدرة الإدارة الأمريكية على سحب احتياطيات العملات المتراكمة لدى البنوك المركزية، إلا أنها فى حقيقة الأمر، أدت الى تآكل الثقة فى الدولار الأمريكى، وفتحت الطريق أمام أى محاولة جادة، لإعادة تشكيل جغرافيا سياسية جديدة، وإدارة اقتصادية مختلفة للعالم، بعيدا عن هيمنة الدولار الأمريكى، التى استمرت قرابة ثمانية عقود، فها هى روسيا تعلن صراحة أنها لن تقبل التعامل بالدولار أو اليورو، فى مقابل ما تبثه الى اوروبا من طاقة، وتطالب بالدفع بالروبل، بالإضافة إلى الذهب أو البيتكوين، فما الذى يمكن أن يحدث، إذا ما طلبت الصين فجأة، من دول العالم التى تعتمد بشكل كبير على منتجاتها، أن يتم الشراء باليوان الصيني؟

الحقيقة المؤكدة، أن العالم بات يتحرك بسرعة مدهشة، باتجاه نظام اقتصادى جديد، على وقع تغييرات درامية سريعة تجرى من حولنا، بينما لا تزال شريحة واسعة من المصريين، تضع أيديها على قلوبها، مع كل تحريك لسعر الدولار، غير قادرين على فهم حقيقة ما يجرى، فى كواليس اللعبة الجديدة.


لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى

رابط دائم: