هذا الفيض الكبير من البشر الذى كان فى وداع الكاتب الصحفى الكبير صلاح منتصر بعد رحلة عطاء استمرت أكثر من 65 عاماً، أهم مافيه ليس فقط هذا الكم الكبير الذى كان فى الوداع، بل هذا التنوع بين من كانوا موجودين على اختلاف آرائهم واتجاهاتهم السياسية مابين اليسار والوسط واليمين. فالرجل على مدي تاريخه كان واضح الرأى مستقيم الاتجاه، واختلف بوضوح وبحدة فى الرأى مع الكثير منهم وممن كانوا يضعون أنفسهم فى كتلة المعارضة ..ولكن حضورهم رغم اختلافهم السياسى والفكرى معه جاء ليعكس أنه وهم معه تربوا على قواعد مدرسة الخلاف السياسى المحترم وهو كيف تختلف مع الآخرين وتعبر عن رأيك الرافض لرأيهم، وسلوكهم السياسى والمهنى ولكن باحترام لنفسك وللآخرين دون أن تجرح أو تهين أو تتجاوز فى التعبير أو اللفظ. هذه هى المدرسة الوطنية التى نعرفها ونعيها فى مدارس الخلاف السياسى والاختلاف فى الرأى، وهذا للأسف لم يعد موجودا كثيراً فى عصرنا الحالى بل إن البعض يرى أن الخلاف فى الرأى لابد أن يكون على أنقاض شخص الآخرين وأن مواجهة الرأى ليست فى الاشتباك مع الرأى نفسه، بالعقل والمنطق والموضوعية التى يغلفها أسلوب راق فى الطرح، بل هو تجاوز وإهانة ومزايدة والنيل الشخصى من صاحب الرأى المخالف .
وهذا هو الفرق بين معارضى زمن الأستاذ صلاح منتصر صحفياً ومهنياً ونقابياً وأبناء جيله ومن اقترب منهم، وبين بعض محدثى الخلاف والاختلاف فى الرأى الآن، ولعل المشهد الذى رأيناه فى وداع منتصر يعلمنا ويعود بنا إلى مدرسته الوطنية والأخلاقية فى مفهوم الاختلاف.
لمزيد من مقالات حسين الزناتى رابط دائم: