رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمات
أيقونة أرض كنعان

لم أتوقع عندما انتقدت الأسبوع الماضى تهنئة الولايات المتحدة لإسرائيل بمناسبة اغتصاب فلسطين، أن يغتال الجيش الإسرائيلى الصديقة شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة فى فلسطين، فى عملية دنيئة وإجرامية، ولم يعد مقبولا أن تدين إسرائيل العمليات العسكرية فى أوكرانيا واصفة ما يحدث هناك بأنه فوق ما يتخيله عقل بشر..والذى لا يتخيله عقل فعلا أن تتوجه 40 مدرعة مصفحة للجيش الإسرائيلى لتحاصر منزلا فى مخيم جنين لاعتقال شاب فلسطينى..فلنتخيل معا قوة غاشمة أمام فرد أعزل، وفى النهاية تغتال مراسلة، ثم يتوجه الجيش الإسرائيلى إلى الإعلام العالمى بتصريح أجوف وأنه سيفتح تحقيقا فى الحادث.

استشهاد شيرين ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير.. فعلى مدار سنوات الاحتلال، قتل الجيش الإسرائيلى عشرات الصحفيين، وصادر أجهزة الآخرين وكاميراتهم بهدف إخفاء حقيقة البطش الذى يستخدمه الجنود المدججون بالسلاح والذخيرة، وأنا شخصيا منعونى من دخول الأراضى الفلسطينية لاستكمال مهمتى الصحفية ثم زعموا أننى خالفت القواعد لمجرد نشرى فظائعهم فى قتل الأطفال.

عرفت شيرين أثناء عملى مراسلا لـ(الأهرام) فى فلسطين، إنسانة قوية رغم رقتها، لا تبالى الموت الذى اعتبره تأخر كثيرا، فكانت تتوقعه من زمان، خاصة أثناء انتفاضة الأقصى التى اندلعت عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد بين الراحل عرفات وباراك عام 2000، فكانت فى موقع الحدث لتنقل مشاهد قتل الفلسطينيين. وكان بإمكانها التفرغ للقاءات التحليل السياسى من الاستديو لكنها عشقت العمل الميدانى، فدخلت من قلب فلسطين إلى كل بيت عربى لتنقل له المشاهد الحية. لحظة علمنا بموت شيرين كانت صعبة ومؤلمة لأننا سنفتقدها للأبد، ولكن كلنا أمل فى أنه سيأتى الوقت الذى ينتقم فيه الفلسطينيون لموتها، واللحظة آتية لا محالة، فمن عاش وسط الفلسطينيين يعلم أنهم شعب الجبارين، تاهت حقوقهم بعض الوقت، ولكنها ستعود على أيدى أبنائها يوما ما حتى لو بعد حين. ويكفى أن نعلم أن أى طفل فلسطينى يرضع من ثدى أمه حب المقاومة وعدم الخوف من القوة الوهمية لأى جندى إسرائيلى، وطالما مررت بمشاهد كثيرة لأطفال فلسطينيين تصدوا لهؤلاء الجنود بقوة يحسدون عليها. ماتت شيرين، ولكنها ستبقى فى قلوبنا أيقونة ارض كنعان كما وصفها أهل فلسطين.


لمزيد من مقالات محمد أمين المصرى

رابط دائم: