باغتيال الصحفية الفلسطينية، شيرين أبوعاقلة، مراسلة قناة الجزيرة الأبرز فى الأراضى المحتلة، وأحد نجوم الاعلام العربى منذ ما يزيد على عشرين عاما، تضيف سلطات الاحتلال الصهيونى، جريمة جديدة إلى سجلها الوحشى فى استهداف الصحفيين، ومحاولاتها الدءوبة للتعمية على ما يجرى بحق أشقائنا فى الأرض المحتلة، وإسكات صوت الحقيقة.
وباستشهاد أبو عاقلة، تنطفئ شمعة جديدة، شديدة الاحتراف والمهنية، فى فضاءات الاعلام العربى، الذى يحفل بعشرات الأصوات النشاز، فقد التزمت الراحلة طوال فترة عملها، التى قاربت على ربع قرن، بمهنية فريدة، كان من السهل ملاحظتها فى العديد من التغطيات والتقارير الخاصة، التى كانت تعدها بمهنية كبيرة، لم تكتسبها من دراستها المتخصصة فى فنون الإعلام فحسب، وانما من خبراتها التى تراكمت على مدار سنوات، ظلت خلالها حريصة، وهى فلسطينية المولد والأصول والجذور، على أن تكون بعيدة، عن أى انتماءات حزبية أو صراعات فصائلية، لعبت على مدار عقود دورا كبيرا، فيما انتهت إليه قضية الصراع العربى ــــ الإسرائيلى، من تخاذل للهمم وخفوت للصوت، وتضييع للفرص.
بدت عملية اغتيال أبو عاقلة، التى استشهدت صباح الأربعاء الماضى، فى أثناء مهمة عمل فى مخيم جنين، أقرب ما تكون الى جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، فالرصاصة القاتلة التى استهدفت عنقها، خرجت من بندقية قناص، كان ضمن فرقة عسكرية تحركت لاقتحام أحد منازل المخيم، لتوقيف مطلوبين فيه، ولم يكن هناك أى نوع من الاشتباكات، يمكن أن يستخدم كشماعة فى عملية القتل، التى جرت بدم بارد.
والحقيقة أنه ليس عجيبا، أن تتم عملية اغتيال أبو عاقلة، فى نفس الشهر الذى يصادف ذكرى تأسيس دولة الكيان، ويحتفل فيه العالم باليوم العالمى لحرية الصحافة، ويقول تقرير حديث صادر عن لجنة حماية الصحفيين، وهى واحدة من منظمات دولية عدة، لا تسعى إلى الربح، وتدافع عن حرية الصحافة حول العالم، أن نحو 59 صحفيا، قد تعرضوا لجرائم قتل ممنهجة على مدار العامين الماضيين فى عدد من بلدان العالم، الى جانب آخرين، تم استهدافهم بالقتل بسبب تغطيتهم الإخبارية، حيث تتصدر الهند والمكسيك، قائمة الدول التى شهدت استهدافا واضحا للصحفيين، بينما احتلت الصين المرتبة الأولى فى تقييد الحريات الصحفية، بمعدل خمسين صحفيا سجينا، من بين 293 صحفياً سجيناً حول العالم، بسبب حملات القمع التى تمارس ضد الإعلام فى بلدان كثيرة، وعدم التسامح مع التغطية الصحفية المستقلة.
ومنذ سنوات والحديث لا ينقطع، عن تصنيف الصحافة ضمن قائمة المهن الخطرة حول العالم، والحقيقة أنها أصبحت المهنة الأكثر خطورة بين كل المهن، فى ظل الموجات المتتالية من التطور التقنى المذهل، وما أدت اليه من توافر المعلومات بغزارة، باتت معه محاولات التعمية على الحقائق، أشبه بمن يحاول أن ينفخ بفمه، ليطفئ وهج الشمس فى عز الظهيرة.
لمزيد من مقالات أحمد أبوالمعاطى رابط دائم: