رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الدراما.. وعودة الأب الغائب!

نحن، فى مشاهدتنا درامانا التليڤزيونية، غالبًا ما تستغرقنا (الحدوتة)، فنغرق فى تتبع الأحداث، ناسين أو متناسين المغزى أو الرسالة الكامنة فى تلافيف تلك الحدوتة وهذه الأحداث. وللحق فإنه كثيرا ما لا يكون بالمسلسل أصلا هدف ولا مغزى ولا رسالة.. ولا يحزنون، وإنما التسلية لمجرد التسلية، و.. (موش ناقصين وجع دماغ)!

ومع ذلك فإن البعض من مسلسلات رمضان هذا العام بلغت به جودة الكتابة درجة أن المسلسل لم يكتفِ برسالة واحدة، بل بالعديد من الرسائل، دسَّها المؤلف دسًا بين السطور والكلمات بشكل غير مباشر، ومن ثم يتطلب انتشال هذا المغزى (الملتوى الذائب ذوبانا ذكيا) بعض التفكير، وقليلا من حِنكة المشاهدة.

مثلا (ولا نحسبها جاءت بمحض الصدفة) كان ثمّة حرص فى عدد من المسلسلات على إبراز الدور الإيجابى للأب فى حياة الأسرة. إننا دائما ما نعتبر دور الأم بديهية أو مُسلَّمة من المُسلمات، بينما كنا نمر على دور الأب مرور الكرام.. فيظهر الأب كالطيف. لكن فى رمضان هذا العام عاد لنا الأب الغائب بعد غياب طال.

.. ويمكن فى هذا السياق الإشارة إلى أربعة مسلسلات لقيت قبولا ونجاحا عريضيْن، وصادفت استحسانًا واستمتاعا لا ينكرهما المنافسون. تلك هى مسلسلات: مكتوب عَليّا، وراجعين يا هوى، وجزيرة غمام،.. ثم (الكبير).

.. ففى مكتوب عليا جذبت شخصية الأب إحسان (لاحظ التسمية!) - والد جلجل - الانتباه، حيث أداها فى غاية البراعة الممثل إسماعيل فرغلى. إن الذين تفرجوا على العمل لاحظوا ولا شك مدى الغلاسة (المصطنعة خفيفة الدم)، والسخرية المتواصلة اللذيذة، من إحساننا هذا مع ابنه، على الرغم من كونه الابن الوحيد على بنتين.

هل أراد المؤلف إيهاب بليبل وورشته الكتابية إبلاغنا رسالة ما؟.. نعم. إن جلال (أكرم حسنى)، ورغم حضوره الطاغى المهيمن على بقية أبطال المسلسل، بمن فيهم عمرو عبد الجليل (الذى هو فى الكوميديا من هو!) لم يجرؤ ولا لمرة واحدة على رفع صوته فى وجه أبيه أو إهانته، اللهم تكرار عبارة (إمتى ها تستُر).. فكأن الأب هو دائما ( الستر).. أو هكذا يجب أن يكون!

فإذا انتقلنا إلى (راجعين يا هوى) لرأينا بليغ أبو الهنا القادم من أوروبا محملا بأخطاء وخطايا تنأى لحملها الرجال، والمُهدَد فى حياته، ما عاد إلا ليعيد دور الأب الغائب بعد مقتل شقيقيه على يد منافس لهما. الأسرة إذن منقسمة وعلى شفا الضياع فيأتى هذا الغائب منذ سنوات ليهدم الجدار الفاصل ويعيد بناء العائلة. ما المغزى وراء هذا البليغ؟ (لاحظ التسمية!).

ماذا نتوقع فى عمل كتبه المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة، وأعد السيناريو له المحترف محمد سليمان عبد المالك؟ الرسالة ولا شك ستكون: أعيدوا أباكم الغائب فمن دونه تضيعون. وبالمناسبة ليتنا نراجع كلمات العظيمة فيروز فى تحفتها (راجعين يا هوى) ونقارن بين الكلمات وما شاهدناه بالمسلسل، وبما فعله (خالد النبوى)!

.. ويأخذنا الكلام عن الأب الغائب إلى مسلسل جزيرة غمام.. لنسأل: ألم يكن غياب عرفات (ذلك الطيب الحريص دائما على اصطحاب أطفال الجزيرة إلى شط البحر وتعليمهم معنى وضرورة أن يحبوا بعضهم بعضا وكأنه أب لهم) بداية لتفشى الخراب والقتل والفحشاء والكذب والزيغ، ثم هبوب الزوبعة التى لم تُبقِ ولم تذر؟.. ثم أليس بعودته زال الغمام، وانقشعت الغُمّة؟.. هل كانت مصادفة أن يتغير اسم الجزيرة إلى أولاد (لاحظ كلمة أولاد) عرفات بدلا من غمام؟.. وأما بالنسبة لمسلسل الكبير فيكفى التساؤل: لماذا جعلوا مِكى فى الجزء السادس للمسلسل أبًا لولدين توءم ولم يكن كذلك فى خمسة أجزاء؟ .. هل للإضحاك فقط.. أم لتبرير غياب هدية.. أم لإحساس لا شعورى، ورغبة دفينة، فى عودة الأب الغائب.


لمزيد من مقالات سمير الشحات

رابط دائم: